الأربعاء 27 نوفمبر 2024

بيت القاسم بقلم ريهام محمود

انت في الصفحة 51 من 58 صفحات

موقع أيام نيوز

لاهثة وكأنها كانت تركض.. تنهي بينهما الحديث والتي كانت هي بطلته... والإشارة واضحة فلتخرج وتعد كما كنت.. غريبا مثلهم..
............
لو كنا ندرك نهاية أحلامنا.. لاختصرنا على أنفسنا عناء المحاولة..
.. البداية أشبه بتلك الحكايات الوردية التي لطالما حلمت بأن تكون بطلة بإحداها... حيث ارتطام وشهقة خجل مع أمير الأحلام الفارس صاحب الحصان الأبيض.. وبعصرها الحالي لايوجد فرسان ولا خيول تمتطى.. 
بطلها كان كما قال الكتاب أنيق وسيم صاحب طلة لطالما شردت بامتلاكها. واستبدلت الحصان الأبيض بالسيارة الفارهة... 
ورغم حلاوة اللقاء.. وروعة البداية ومتعة الأحداث بينهما.. ولكن النهاية كانت كارثية بروايتها الوردية.... حيث لا توجد وردية بل فرض الواقع رأيه يعلن عن وجوده بقسۏة والختام كان 
حسنا.. هل يجب على الراوي أن يسرد الحكاية منذ بدايتها مرة أخرى..!!!
تدخل الصالة الرياضية بثياب سوداء لا تناسب ورديتها السابقة.. تسأل عن مكانه فتخبرها الفتاة العاملة عن مكان تواجده بغير رضا حيث أنها لا تبتلعها ولا تبتلع حضورها ولا اهتمام الكابتن بها... 
تسير بخطوات هادئة رغم تردد دواخلها من مواجهته... منذ ماحدث وما أثاره عاصم من فضائح وهي لم تره.. وانقطعت أخباره عنها.. 
هو يستحق العناء.. يستحق التبرير.... وهي بالتأكيد تستحق فرصة ثانية..
تدخل مكانه المخصص.. تلك الغرفة التي كان يدربها بها لتدرك كم كانت مميزة... فقط فرصة واحدة..!! 
يرى دخولها بطرف عينيه وقتها
كان يلاكم كيس الملاكمة الضخم الذي ينتصف الغرفة.. اكفهرت قسماته پغضب وباتت أنفاسه حاړقة تشعل أجواء الغرفة حولهما.. تجاهلها والنية واضحة.. طرد 
وحين سمع خطواتها تنقر الأرضية الرخام باقتراب... زاد من عڼف ضرباته للكيس مصدرا صوتا مزعجا أخافها.. فتوقفت مكانها.. تنتظر ولا تعلم ماذا تنتظر.. 
ولكنه يستحق الانتظار... سعلت بخفة تجذب انتباهه وب هاته اللحظة قررت الصراحة تسرد حكايتها
الحكاية عادية.. هبلة جدا... بنت بتعجب بصاحب اخوها الجان اللي عنده عربية وشركة تجنن... 
تسهب بالسرد رغم سوء نظراته وحدة لكماته.. 
فبتتجرأ في مرة وتكلمه وتكشف عن إعجابها بيه... 
وتابعت رغم حرجها
وعشان كنت عيلة وكمان اخت صاحبه غيرت اسمي وسني... 
كنا بنتقابل بنخرج سوا ولما كان بيقرب مني كنت ببقى مضايقة وخاېفة بس مكنتش ببين عشان ميسبنيش ويزهق مني.. 
وتوقفت فور أن توقف تزدرد ريقها الجاف پخوف وهي تراه يخطو صوبها 
يقترب منها بجسده الضخم وعيناه الغاضبة.. يميل عليها بخطۏرة 
وبتحكيلي الفيلم ده ليه ياسندريلا! 
رمقها بازدراء من خصلاتها المنسابة لاخمصها آثار في نفسها الحزن.. يقول بجفاء النبرة.. 
إنت وحبيبك أو الأكس زي مابتقولو .. مدخلاني طرف معاكو ليه!! 
شعرت پسكين حاد ېمزق صدرها وهي ترى نظراته المحتقرة لها.. كان مخيف بالقدر الكافي لأن تركض من أمامه ولا تعود.... استكمل رغم ذعرها بجفاء أشد 
عاصم ميهمنيش يا يارا...إنت إللي كنت تهميني.. 
نفضها من بين يده كخرقة بالية يبتعد عنها باتساع... بأميال 
عموما الموضوع إنتهى... أساسا خدتي وقت أكبر من وقتك معايا.. 
ينزع عن يده الأشرطة البيضاء وجانب جسده لها.. وكانت هي بوقفتها بتلك النقطة بنفس المكان كصنم على وشك التحطيم.. 
رمقها دون اهتمام يزفر بنفاذ صبر.. 
عارفة باب الخروج ولا تحبي أوصلك!!
...................... 
.. تنتهي حكاية لتبدأ أخرى رغم أنها كانت بالفعل
.. وعلى عكس الوردية كانت البداية مأساة حمدا لله أن الراوي تهرب من سردها مرة أخرى.. 
فلنعيد ترتيب الحكاية.. من آخرها لنقطة البداية.. والأفضل أن نلغي البداية.. فلا أحد يطالب بها..! 
أكرم ونورهان.. أم نورهان وأكرم والغلبة لمن نال بعد طول صبر.. 
الحب كما الحړب.. كل الوسائل متاحة.. والأساليب مفروضة.. 
حلاوة الحياة تكمن في التفاصيل... وهي لا تفوتها تفصيلة تخصه وأصبح هو أيضا مثلها وأكثر... وذلك لم يكن الحب المعترف به حيث انه لم ينطق بها صريحة ولا هي تجرؤ على نطقها تخاف المحاولة فتفشل.. بل كان شئ أشبه بالاعتياد ومنطقة الراحة لكليهما.. 
كانا اليوم بطوله بالخارج وملك ترافقهما ومجد رفض الذهاب وفضل الجلوس مع اولاد كمال بعد أن صاروا أصدقاء حيث اليوم كانت الزيارة المؤجلة لبيت أهلها المغلق ومكتبتها.. 
وبداية اليوم تجاوره بسيارته.. تلك مرة من ضمن المرات النادرة التي تركب بها سيارته.. وهاته المرة كانت أروع وأجمل مرة.. حيث أنه بدا مهتم يسحب كفها من لحظة لأخرى يضعها أعلى فخذه وكأنه معتاد على فعلها والأمر أشبه بلقطة شاهدتها بفيلم وانتقدت المؤلف على خياله الواسع.. 
يتبادل حديث مرح معها... عن سيارته ملابسه.. حتى رائحة عطره سألها أن كان ثقيلا يضايقها أم عادي... واجابتها كانت بإبتسامة بلهاء حيث أن رائحة عطره ليس لها مثيل... تميزه هو عن غيره.. عطره له تأثير الخمر يسكر دون معصية....!! 
ولهانة هي... تقع في حب عطر رجل وساعة معصمه الأنيقة..! 
وأول اليوم حيث منتصف النهار.. تقف بداخل المكتبة وملك معها تتلاعب بأوراق بالية.. ويقف هو بالخارج بترفع وانف شامخ.. يرتدي نظارته الشمسية السوداء فتختفي عيناه وما يكنه.. يضع كفيه بجيبي سرواله الرمادي.. كل دقيقة يسألها بغيظ من بين أسنانه أن تنتهي مما تفعل.. 
وهي لا تفعل شيئا محددا... فقط اشتاقت لمكانها الجميل فجائت... 
وهو من فرض نفسه والآن هو نادم أشد الندم.. حيث أن الحارة والناس والتجمعات تثير أعصابه هو رجل اعتاد الهدوء.. قليل الاختلاط 
تهتف ب إسمه برقة متأصلة بها فيجيبها بنزق والمعنى اختناق.. 
تعالى هات الكتب اللي فوق ع الرف ... بعد إذنك..! 
ترفرف بأهدابها.. تتوسله بشبه رجاء وهو أصبح ضعيف... ضعيف جدا أمام رفرفة الأهداب.. 
يخطو بغير رضا للداخل يقف أمامها ...
طب ماتجيبيها إنت!! 
ترفع ذراعيها فلا تطول.. تضحك وضحكتها كانت عفوية نابعة من فرحتها اليوم.. 
انت طويل... هاتهم يللا...
يتسع صدره بغرور.. واستجاب يمد ساعده يأتي بهم ببساطة دون تعب.. يفردهم أمام أنظارهما.. 
وتلك الكتب كانت مجموعة مميزة ونادرة لروايات قديمة لنجيب محفوظ.. 
فسالها مبهوتا من أين لها بتلك المجموعة..!! 
عمو حسين قارئ قديم أوي... من الناس المثقفين اللي قلبك يحبهم.. أول مافتحت المكتبة جابهمللي هدية..!! 
رفع حاجباه بإعجاب وتقدير.. وضعتهم أمامه بحقيبة.. فتسائل 
هتاخديهم معاكي..! 
طبعا... 
المدة التي جلساها معا بالمكتبة لم تكن طويلة ولكنها كانت كافية بأن توطد العلاقة بينهما أكثر حيث أنه لم يكن يعرف انها تحب القراءة ولا هي تعرف انه يشاركها نفس الشغف.. .. يبدو أن كتب نجيب محفوظ ستكون من ضمن حلقات الوصل بينهما... 
وعند المغادرة.. جعلته يغلق بابها.. بالطبع فهو الرجل ولن يقبل بأن تميل أو تنحني أمام الأعين هكذا.. عيب كبير بحقه وليس لأنه يغار لاسمح الله!
وللمرة الثانية بهذا اليوم الرائع تركب
بسيارته وبجواره وملك بالخلف بالكرسي المخصص لها.. يفاجأها بغمزة باتت تلازمه مؤخرا 
هنتغدى برة انهاردة.. 
.. والغذاء كان بمطعم فاخر على البحر... أكلة سمك مشوي متبل بالبهارات الخاصة مقطع فوقه شرائح من البندورة والبصل والفلفل الحار وأضافات جانبية من السلطات المتنوعة والطحينة.. 
وعند المغيب جذبها تتأبط ذراعه والوضع شبه حميمي أو بمعنى أدق حميمي.. يحمل ملك على ذراعه الآخر.. يسيران بهوادة على الممشى الخاص بالشاطئ.. 
يتجولان بالمول القريب.. حيث محلات الملابس.. تتأمل فستان معلق أعجبها فيشتريه لها بعد أن يدفع ثمنه دون نقاش رغم اعتراضها وحرجها.. 
يبحث عن وشاح يناسبه فيختار لها ويقارن بين الألوان.. يرفض هذا لأنه قمشته حريرية وهي خصلاتها ناعمة فسينزلق.. وهذا لأنه لا يناسب بشرتها 
وهكذااا...!
من أين له بكل تلك المعلومات والخبرات.. 
ملك تريد غزل البنات فيأتي بواحدة لملك وأخرى لها.. ملك تريد الحلوى ف يضحك ويشتري لكليهما... 
واليوم كله وثقه بالصور.. يلتقط لهما صورا بأوضاع مختلفة هنا وهناك على الشاطئ وأعلى الممشى وبالسيارة.. وأخرى عفوية وأنفيهما ملطخة بالايس كريم.. 
كان يوم حلو... كما يقال يوم للذاكرة.. 
ليت اللحظات السعيدة تدوم للأبد... ليتنا نبقى هكذا ببال رائق ماتبقى من عمرنا.. 
واخر اليوم حيث الليل أسدل ستاره وتجاوزت الساعة الحادية عشر.. تترجل من سيارته واليوم للأسف انتهى.. تسبقه بالحقائب الخفيفة الموجودة بها ما اشتراه لها من ثياب وأوشحة وهو خلفها.. على كتفه ملك غافية
يسألها حيث أن وجه الصغيرة مختفي عن عيناه
ملك نامت!! 
استدارت تتأمله وصغيرتها على كتفه... أغمضت عيناها وكأنها تشكره 
اتبسطت وتعبت.. فنامت
فابتسم لها يعبث بخصلات النائمة بعمق على كتفه.. يوعد بالمزيد 
نبقى نكرر الخروجة دي كتير بقى... 
.. وأغلق البوابة الحديدية خلفهما يصعد وهي بجواره متشابكي الأيدي.. 
وعند باب شقة والدته كان يقف قاسم فجذبها للجهة الأخرى يضع كفه على خصرها بتملك واعجبها هذا الشعور يميل على أذنها.. 
اسبقيني إنت... هتكلم مع قاسم وأطلع.. 
حاولت أن تأخذ الصغيرة منه ولكنها تململت على كتفه... فطلب منها أن تتركها له.. وتركتهم تصعد درجات السلم بسعادة عانقت السماء.. 
بأحلامها البسيطة لم تتخيل أن تحيا مثل هذا اليوم.... 
وقف أكرم أمام قاسم يرمقه بنصف عين.. يسأله بشك 
واقف كدة ليه.. كأنك مستني حد..!! 
واخر كلامه وازى نظرة خبيثة للباب المقابل باب بيت جده.. 
يحدق بقاسم بحاجب مرفوع.. يقيمه بنظرة ثاقبة 
ممممم حالق دقنك وكاوي القميص ولابس البنطلون اللي ع الحبل..!! 
يتشدق بمكر.. 
مش خير بردو.. 
يدور من حوله والآخر يهرب بنظراتهوالوضع محرج على ثور مثله بهيئة رجل يحدثه من بين أسنانه.. 
إنت مالك يابارد... يللا اطلع.. 
يصطنع الدهشة.. 
بقى كدة!! 
يزيد بحزن زائف.. 
بقى دي اخرتها.. عموما أنا هطلع عشان مش حابب أكون عزول.. 
يتحسس ذقن قاسم بأنامله الغليظة رغم ضجر الآخر وزفراته المخټنقة.. يغمز بعبث
شكلك ناوي تبوس... 
شهق قاسم پعنف يرمقه بحنق قبل أن ينحني بجزعه ليخلع حذائه ونيته قڈف الوقح بها.. 
والوقح تدارك الموقف..نجا بنفسه يصعد الدرجات بخطوات أشبه بالهرولة.. يحدثه بصوت مسموع من الطابق الأعلى وقد أصبح بأمان .. يحذره ب تفكه
خد بالك أنا براقبك وعيني عليك... 
.. بعد أن أطمئن أنه انصرف ودخل شقته استقام بطوله.. يعدل من شكل قميصة يمسح عدة مرات على ياقته... وسأم الانتظار.. 
يرفع هاتفه يرى الوقت وكم مر عليه منذ إرسال رسالته لها... حيث أنه أرسل رسالة نصية لحنين والنص كان أنا هستناكي اودام الباب.. اطلعيلي...
لا يعلم مايتوجب عليه فعله.. أينتظر المزيد أم يستدعيها برسالة أخرى..! 
زفر بقوة ووقف ينتظر بصبر رغم أنه قليل الصبر.... ولكن نظرا لتاريخه معها فهو لايفعل شئ سوى الصبر.. 
ابتسم براحة ظهرت على ملامحه وهو يرى الباب يفتح وهي تخرج من خلفه... وقف مبهوتا ممايراه بعينين متسعتين تظهر أمامه بكامل هيئتها.. 
فستان طويل حتى الكاحل بلون أبيض مطفي
تغطي خصلاتها الناعمة بحجاب أبيض نفس درجة الفستان.. وجهها ب هاته اللحظة كان ملائكي.. ملامحها ناعمة وابتسامتها جعلتها تبدو مكتملة ناضجة.. 
وقد فاجأته بهيئتها الجديدة... وحجابها!! 
يسير كالمغيب نحوها مأخوذا بالطلة.. وكانت هي أول من تحدثت وقطعت سحر اللحظة.. 
إيه رأيك.. 
تدور حول نفسها ككل مرة كانت تريه فستانا جديدا.. 
فرد بصوت خشن وعينان تنطقان بحب
جميل أوي.. 
توردت وجنتيها بحمرة طفيفة إثر خجلها من
نظراته المنبهرة.. قرار الحجاب أخذته بعد تردد لم يدم كثيرا.. وأرادت أن يكون هو أول من يراها به.. 
زاغت بعينيها العسليتين عن عينيه قليلا.. تعيد السؤال بصيغة أخرى.. 
إيه رأيك ف الأبيض عليا..!! 
واجابته كانت واثقة حد اللاحد
ميليقش عليكي غيره.. 
لا هذا كثير عليها... قاسم هادئ ونظراته ولهة.. لو كانت تعلم بأنه سيصير هكذا ل
50  51  52 

انت في الصفحة 51 من 58 صفحات