روايه رائعه بقلم ندى محمود توفيق
اربكتها كثيرا
_ هعتكف معاكي !
تلاشت ابتسامتها تدريجيا من نظرته وحاولت الفرار منه عن طريق تجولها في جميع أركان الغرفة تتفحص كل الأرفف المقسمة بانتظام إلى قسم يحوي كتب الدين والسيرة النبوية وإلى قسم الفلسفة وعلم النفس وإلى قسم العلوم البيئية المختلفة وغيره كثيرا من الأقسام ولكنها توقفت حين رأت القسم الذي يضم كتب باللغة الإنجليزية فالتفتت له برأسها وقالت باسمة
_ وبتقرى English كمان !!
ضحك بخفة وأردف بخفوت يسرد لها قصة هذه الغرفة
_ مكنتش بحب آجي الشركة هنا أبدا كان عندي حاولي عشرين سنة وأنا من صغرى بحب الكتب فبابا الله يرحمه عشان يحببني في الشغل وإني آجي هنا عملي المكتبة دي ومن وقتها وأنا مبقتش اتأخر على الشركة يوم واحد ولغاية دلوقتي بخلص الشغل في المكتب وباجي أقعد هنا وأحيانا برجع البيت بعد الفجر بكون ماخد الليل كله هنا ولما بيأذن الفجر بروح اصلي في الجامع وبعدين برجع البيت ومش عايز أصدمك وأقولك إني قريت الكتب دي كلها أكتر من تلات مرات يعني حافظها
_ طيب والوقت اللي كنت بتقضية في قراية الكتب دي مكنش بيخليك تقصر في فروضك ولا حق ربنا عليك بما إني أعرف إنك ماشاء الله عليك ملتزم في كل حاجة
أصدر تنهيدة حارة ثم اقترب وجلس بجوارها مجيبا بهدوء
_ لا بالعكس أنا كنت بفضل الوقت اللي باخده هنا وأغلب الساعات اللي بقعدها هنا مش بكون بقرأ الكتب لا بستغل الوقت لإن زي ما قولتي إنا مش بحب أقصر في حق ربنا عليا وكنت دايما بقرأ القرآن أو بسبح وبقول أذكار يعني أغلب الوقت اللي بقضيه هنا بيكون للعبادة وفي نفس الوقت بخصص وقت محدد للكتب بس عشر
ذلك الرجل كلما تتحدث معه تنكشف شيء في شخصيته يجعلها تتمسك به ويثبت العكس لعقلها الذي ېصرخ بها باستمرار أنها أخطأت حين سمحت لهذه العلاقة بالاستمرار وفي كل مرة يعلو شأنه لديها ويكبر في نظرها أكثر وهذه المشاعر لا تزعجها بل بالعكس تسعدها لأنها تعطيها الأمل في ما توده وهو أن يحل عشقه هو محل العشق الذي بات ېخنقها ولا تتحمله نفسها .
عادت لواقعها واستندت بذراعها على حافة الأريكة المرتفعة وكفها مكانه على وجنتها قائلة وهي متشبعة بحرارة الحديث معه محاولة التصرف بطبيعية وإقناع عقلها وقلبها بأنها تحبه !!
ضحك لطريقتها الجديدة في التحدث وتشدق مؤكدا ما قالته
_ أكيد أهو ده بقى بذات أنا حافظه زي اسمي بظبط من كتر ما قريته كذا مرة
عم الصمت بينهم للحظات وهي تعود وتعلق نظرها على الكتب لتسمع صوته المترقب والرخيم يقول
_ منتظمة في الصلاة ياملاذ
استقر نظرها عليه ولكن سرعان ما اجفلته وقالت بضيق وحياء
_ مش أوي أحيانا بقطع وحاولت كذا مرة انتظم بس باخد فترة زي شهرين أو أكتر وبرجع أقطع تاني ومش عارفة أعمل إيه !
أخذت نفسا عميقا ثم أخرجه زفيرا متمهلا وهتف برفق به شيء من الحزم