الأربعاء 27 نوفمبر 2024

عشتار وجلجامش

انت في الصفحة 37 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز


الاثنان لمدة ثلاث ساعات وكلما مشوا قليلا يصلون لمفترقات طرق كثيرة وكبيرة حتى أحست عشتار بالدوار
عشتار بقلق أصبت بدوار في رأسي أرجو أن لانكون ندور في نفس المكان فممرات الجذور تتشابه
جلجامش مشيرا أمامه ماهذا الشيء
نظرت عشتار أمامها وكانت المفاجأة
رجل عجوز ملتصق في جدار الممر وممتزج به وجهه شاحب ويشبه لحاء الشجر وشعره أبيض كأوراق شجرة يابسة وبيضاء والديدان ممتلئة في جميع أنحاء جسمه

نظرت عشتار پخوف والتصقت بجلجامش قائلة هل هو مېت
لكنه فتح عيناها الشاحبتان الحمراوتان ونظر لهم بأسى شديد
صړخت عشتار من الخۏف واختبأت وراء جلجامش
جلجامش ما أنت ياهذا
أسند ذلك المسخ رأسها للجدار ونظر لجلجامش مرة أخرى وهو يضحك لقد خدعتكم طقسوس
كان بصوته بحة شديدة بالكاد صوته يسمع من جفاف الهواء الذي يخرج من فمه
أردف قائلا أدعى جاور
تفاجأ جلجامش جاور.. الملك جاور لقد سمعت عنك كثيرا لقد اختفيت منذ حوالي ثلاثمئة سنة ومازل أفراد قبيلتك وعائلتك يبحثون عنك
أجاب جاور بأسى مئتان وسبع وثمانون سنة وثلاثة أشهر ويومان
جلجامش هل أنت سجين هنا
جاور قدمت لطقسوس للحصول على قليل من المطاط فأخبرتني أن علي البحث عن السد وأثقبه ليتسنى لها الحصول على الماء العذب وصنع مطاط لي
جلجامش وهل وجدته
جاور هذه الجذور عبارة عن متاهة لقد قضيت مئتان وثلاثون سنة أبحث عن طريق الخروج ولم أجده ولم أجد أي سد ولم استطع حتى العودة لطقسوس لكنني استطعت الحصول على المطاط فقد تمكنت مرة من الوصول لمركز هذه الشجرة النحس واخذت قليلا من مطاطها
اڼهارت عشتار باكية قد كان ظني في محله لقد خدعتنا طقسوس
جلجامش وما ألصقك بجدار جذورها
جاور كنت كل يوم حين استيقظ من النوم أجد نفسي ملتصقا بجذورها وأقوم بانتزاع نفسي إلى أن خارت قواي واستسلمت ونبتت جذورها الآن داخل حول جسدي الضعيف وأضحيت جزء منها تمتص حياتي شيئا فشيئا لتعذبني إن حاولت الهروب أو التخلص منها تبث سمها في جسدي ولم يعد لي قوة أصلا لأحاول
جلجامش هل نستطيع مساعدتك
ضحك جاور تستطيع إن التصقت بي ستحيط الجذور بك وتتركني وسأتخلص منها لكنك لن تفعل ذلك ههجرعة ماء عذب ستدخل السرور في قلبي إن كان لديكم قليل منه
انتزعت عشتار القربة المربوطة في خصرها واعطتها لجلجامش لكن جلجامش أعادها وقال هامسا يجب أن نحافظ على كمية الماء القليلة التي بحوزتنا لانعلم كم سنبقى هنا
نظرت إليه عشتار بحزن وقالت إلا الماء لا تمنعه عن أحد حتى وإن كان عدوك خصوصا وإن كان عطشانا فالعطش ېحرق الفؤاد ويحزن القلب لافرق بيننا وبينه الآن نحن سواء
جاور استطيع مقايضة شربة ماء عذب بالمطاط إن أردت فلافائدة ترجى منه الآن بالنسبة لي
جلجامش بحماس نعم هو كذلك
جاور أترى الخرقة المرمية أسفل قدمي بها كمية لابأس بها من المطاط خذها واسقني قليلا من الماء
تناول جلجامش الخرقة وتأكد من وجود المطاط داخلها ثم سقى جاور رشقة من الماء كادت روحه أن تخرج من تلذذه بها أغمض عيناه مسندا رأسه للجدار بسلام وسكون وأخذ يأن بشوق
استغرب جلجامش وقال ألا تريد رشفة أخرى لابد أنك عطشان جدا
جاور لبثت هنا قرابة ثلاثمئة سنة لو شربت نهرا جاري فلن يرويني ولكن كما قلت لك أردت أن يبتهج قلبي بشربة من الماء العذب فقط لأتذكر مدى النعمة التي كنت فيها علاوة على ذلك فمكوثي هنا طوال هذه السنين علمني أن لا أطلب شيئا من أحد غير إله السماء فمنذ البداية كان سؤالي لطقسوس هو سبب سجني في هذه المتاهة ناهيك أنكما ستحتجان لهذا الماء إلى أن تتعودوا على المكوث هنا وتستسلموا أيضا لا أريد إحباطكم لكن في الثلاثمئة سنة الماضية لم تبقى أي محاولة لم أفعلها للخروج من هنا
عشتار كيف استطعت البقاء حيا طوال هذه السنين
جاور كما قلت التصاقي بجذور طقسوس يعذبني فهي تمدني بطاقة كفيلة بإبقائي حيا فقط لا أقل ولا أكثر عبر مسامات جلدي ألا تريني غدوت وكأني جزء منها
عشتار حين نخرج من هنا سأعطيك هذه القربة هدية
جاور هه حين تخرجين ها هههه لن تخرجي من هنا أبدا لقد حاولت وبحثت مئتان وثلاثون سنة لم يبقى حل إلا وجربته لكني سأقبل هديتك لاشك
عشتار إذن قل لي هل حاولت
 

36  37  38 

انت في الصفحة 37 من 57 صفحات