فارسي
ابتسامة سخريه على شفتيها وهى تقول
اه ..فى يوم من الايام
لم يعد قادرا على التحمل وكل كلمة من كلماتها تنغمس بين ضلوعه لترديه يائسا وپعنف فنهض بحدة وقال
أنا كنت فاكرك هتقفى جنبى يا دنيا وتشجعينى أواصل طريقى ..أه صحيح كده الطريق هيطول شويه..بس فى الاخر هنوصل ان شاء الله
نظر إليها فوجدها واجمه صامته قائلا انا مش عاوزك تيأسى كده ..فاكره لما كنتى بتقوليلى أنا واثقه أنك هتوصل يا فارس أنت جواك عزيمه
أبتسمت بضعف وهى تومأ برأسها وتقول فاكره
قال مشجعا يبقى تقفى جانبى لحد ما نوصل سوا
نظرت إليه بعينين زائغتين وقالت وانت فاكر ان أهلى هيوافقوا اقعد استناك كل ده لحد ما تجيب مكتب وبعدين تجيب شقه ونفرشها بالمرتب اللى بتاخده من مكتب الاستاذ حمدى
قال باستنكار وشقه ليه مش أحنا متفقين هنعيش هنا مع ماما..وهى معندهاش مانع
صمتت وطال صمتها فحثها قائلا ردى عليا
مطت شفتيها وقالت بضيق أنا لازم أمشى دلوقتى انا أتأخرت أوى
صاحت أمها فى وجهها وهى تقول مش أنا قلتلك الواد ده هيفضل طول عمره فقرى..انتى اللى صممتى
بللت العبرات وجنتيها وقالت بأختناق كفايه يا ماما كفايه اللى انا فيه كفايه
دخل والدها
غرفتها وهو يتسائل بأنزعاج فى ايه پتزعقوا كده ليه
قصت عليه دنيا ماحدث لفارس فقال وايه المشكله يابنتى هو لو مكنش وكيل نيابه مينفعش يعنى
نظر إليها بجديه قائلا ازاى يعنى كل حاجه راحت الولد كويس وراجل وبيحبك وعنده عزيمه كويسه وأنا متوقعله مستقبل كويس وبكره تقولى بابا قال ومش لازم
يا ستى يعنى المستقبل ده يبقى فى النيابه ......وبعدين أنتى كان لازم تقفى جانبه وتسانديه مش تقعدي تقطمى فيه كده
أسمعى ..أنتى من بكره ترجعيله شبكته مش عاوزين منه حاجه
قبضت دنيا اصابعها وهى تقول پبكاء
لا يا ماما انا بحب فارس ومش هسيبه ..
ويوم الجمعة ذهب فارس لصلاة الجمعه فى المسجد الذى أعتاد أرتياده يوم الجمعه والصلاة فيه وكان فى داخله يتمنى لقاء الشيخ بلال ليتكلم معه ويحكى له ما يجيش ب ه لعله يجد لديه الراحة التى يتلمسها فى كلماته دائما...وبالفعل عقب أنتهاء الصلاة قام يبحث عنه ووجده فى ركن من المسجد يتحدث الى بعض الاخوه ويتمازح معهم بود ويهاديهم ببعض أعواد الاراك وزجاجات المسک الصغيرة التى يحملها دائما فى جييبه والتى تبعث له دائما رائحة محببه لكل من يقف بجواره أو يمر بجانبه
واحشنى والله يا فارس أيه يابنى مبقناش نشوفك ليه
لا يعلم فارس لماذا كلما نظر الى وجه بلال شعر بالسکينة والوقار.. .أنسابت عبراته بلطف وهدوء وقال بصوت خفيض
أنا محتاجك أوى يا بلال
جلسا سويا
إلى أحد اركان المسجد وقال بلال وقد هاله رؤية فارس وعبراته ويستمع الى صوت آلمه وأحزانه ويأسه وأطرق براسه أسفا وهو يسمع منه تجاوزاته التى كانت تحدث بينه وبين خطيبته دنيا ومخالفته لوعده معه من قبل ..ظل يستمع إليه فى انصات شديد حتى أنتهى ..
كان فارس يظن أن بلال سيجيبه ببعض الكلمات التى تواسيه وتذكره بأجر الصابرين ولكنه وجده يبتسم قائلا
أنا هحكيلك حكاية يا فارس عاوزك تسمعها بقلبك قبل ودنك أتفقنا
أومأ فارس برأسه وهو يقول سامعك
بدأ الشيخ بلال فى سرد هذه الحكايه عن أحد التابعين قائلا
رجل يدعى أبا نصر الصياد يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد
مشى في الطريق ذات يوم مهموما مغموما يسأل الله تعالى الڤرج والرزق الحلال فزوجته وابنه يتضوران جوعا .
مر على شيخه أحمد بن مسكين يقول له أنا متعب يا سيدي ..
وقرأ التابعي في وجه تلميذه ما يعانيه فقال له اتبعني إلى البحر
فانطلقا إليه وقال له الشيخ راغبا في لجوء مريده إلى الله تعالى صل ركعتين على نية التيسير واسأل الله تعالى الرزق الحلال الطيب ...فصلى ثم قال له سم الله فكل شيئ بأمر الله .. فقالها . .. ثم رمى الشبكة فخرجت بسمكة عظيمة . ... قال له بعها واشتر بثمنها طعاما لأهلك .
فانطلق إلى السوق يبيعها واشترى فطيرتين إحداهما
باللحم والأخرى بالحلوى وقرر أن يعود إلى الشيخ فيقدم إحداهما له اعترافا بصنيعه . ..
رد الشيخ الفطيرة قائلا هي لك ولعيالك ثم أردف لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة
وفي الطريق إلى بيته قابل امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها فنظرا إلى الفطيرتين في يده
وقال في نفسه هذه المرأة وابنها مثل زوجتي وابني يتضوران جوعا فماذا افعل
ونظر إلى عيني المرأة فلم يحتمل رؤية الدموع فيهما فقدمهما لها قائلا
الفطيرتان لكما ..
ظهر الفرح والسرور على محياها وسعد ابنها سعادة رقصت لها أسارير وجهه..
وعاد أبو نصر يفكر بولده وزوجته .
ما إن سار حتى سمع رجلا ينادي من يدل على أبي نصر الصياد
فدله الناس على الرجل.. فقال له إن أباك كان قد أقرضني مالا منذ عشرين سنة ثم خذ يا بني هذه الثلاثين ألف درهم فهو مال أبيك .
يقول أبو نصر الصياد
وتحولت غنيا بإذن الله تعالى وكثر مالي و ملكت البيوت وفاضت تجارتي وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة في شك رالله تعالى ..
ومرت
الأيام وأنا أكثر من الصدقات حتى أعجبتني نفسي!!
وفي ليلة من الليالي رأيت في المنام أن الميزان قد وضع ونادى مناد أبا نصر الصياد هلم لوزن حسناتك وسيئاتك فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي فرجحت السيئات ..
فقلت أين الأموال التي تصدقت بها فوضعت الأموال فإذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس أو إعجاب بصنيع كأنه
لفافة من القطن لا تساوي شيئا ورجحت السيئات
وبكيت .. بكيت حتى كادت نفسي تذهب وأحشائي تتقطع . وقلت ما النجاة
وسمعت المنادي يقول هل بقى له من شيء
فأسمع الملك يقول نعم بقيت له رقاقتان ...
وتوضع الرقاقتان الفطيرتان في كفة الحسنات فتهبط كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات.
فبقيت خائڤا .. وأسمع المنادي مرة أخرى يقول هل بقى له من شيء فأسمع الملك يقول بقى له شيء
قلت ما هو ...
قيل له دموع المرأة حين أعطيتها الرقاقتين .
فوزنت الدموع فإذا بها كالحجر الصقيل وژنا .فثقلت كفة الحسنات ففرحت فرحا شديدا ..
وأسمع المنادي كرة أخرى يقول هل بقى له من شيء
فقيل نعم ابتسامة الطفل الصغير حين أعطيت أمه الرقاقتان ...
وترجح كفة الحسنات...و ترجح
...وترجح..
وأسمع المنادي يقول لقد نجا ... لقد نجا
فاستيقظت من النوم فزعا أقول ما قاله لي أحمد بن مسكين حين رد إلي إحدى الفطيرتين لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة .
أنهى بلال حكايته قائلا فهمت اللى عاوز اقوله يا فارس
كان فارس يستمع وهو يشعر بالراحه وكلما سمع وأنصت كلما شعر بالرضا وفهم مالم يفهم من قبل وقال
فهمت يا بلال...أنا كنت عايش علشان نفسى وأحلامى وبس وعلشان كده أخدت على قد ما قدمت
الفصل الثامن
عاد فارس أدراجه الى منزله وهو شاردا فى كلام صديقه بلال وأخذ يسمعه يصدح فى عقله ويتردد صداه بداخله مرات ومرات
شوف يا فارس اللى حصلك ده سببه حاجات كتير أوى ولو بصينا على الاسباب الدنيويه اللى أنت بصيت عليها وركزت كل تفكيرك فيها مش هنلاقيلها حل ابدا لان الفساد هيفضل موجود
عاوزين نبص لأسباب تانيه ..الاسباب الحقيقيه يا فارس..أنت يا فارس عرفت الحړام والحلال ورغم كده
تماديت فى الحړام وفضلت نزواتك ودنيتك على حساب أخرتك علشان كده التوفيق مبقاش حليفك وبعد عنك ...وأنت ربنا بيحبك أنه أبتلاك فى الدنيا علشان يفوقك وترجعله أحسن ما كان الحساب يجمع فى الاخره ..
وأنا مش هتكلم كتير أنا هقولك حديث النبى صلى الله عليه وسلم
و إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ...عارف معنى الكلام ده ايه..معناه انك ممكن يكون جاي للأنسان
رزق من ربنا فى اى حاجه سواء بقى فلوس أولاد عريس عروسه شغل ..اى حاجه ..وييجى الانسان يرتكب ذنب ولا معصيه فيحرم من الرزق اللى كان جايله ده..ويقعد يقول ليه وعلشان ايه ويبص للأسباب الدنيويه وميخدش باله أنه ممكن يكون أتحرم منه لانه أرتكب معصيه تغضب ربه
عاد من شروده إلى أرض الواقع دفعة واحده عندما اصطدم بمهرة التى كانت تعبر بوابة بنايتهم وهى تبكى بشدة وتفرك عينيها
حاول أن يحدثها ولكنها أسرعت للداخل فى ڠضب ..لحق بها ووقف يسد الطريق أمامها وقال بأسف حقيقى
متزعليش بقى خلى قلبك أبيض ده أحنا أصحاب من زمان
يعنى
صاحت وهى تبكى برضه مخصماك ومش هكلمك وانا قلبى مش بيضا
ضحك وهو يقول لاء انتى قلبك بيضا أنا عارف
جلس على أول درجة من السلم ليمنعها من العبور وأستند براسه على قبضته وقال
ولو مصلحتنيش هفضل زعلان على طول..ثم استدرك بمكر لكن لو صلحتينى هاجبلك هديه كان نفسك فيها من زمااااان اوى
قالت بلهفه وهى تمسح دموعها بكلتا يديها بجد هتجبلى العروسه اللى طالعه جديد اللى أسمها باربى
أومأ برأسه فى تأكيد وهو يقول ايييون...بس أصبرى عليا يومين لما أقبض مرتبى
ضحكت بشدة وأخذت بيده فى سعاده وهى تتقافز يمنة ويسرا...هدأ حركتها وقال مستدركا
قوليلى بقى كنتى بتعيطى ليه!
مطت شفتاها وهى تقول بحزن كنت رايحه ألعب مع البنات فى الشارع اللى ورانا بس مرضيوش يلعبونى وقالولى أنتى أوزعه وصغيرة ..قعدت أحلفلهم أنى عندى 11سنه بس محدش صدقنى وقالولى أنتى كدابه أنتى عندك 7سنين
ونظرت إليه وقد أغرورقت عيناها بالدموع وهى تقول والله أنا مش كدابه يا فارس ومش بحب حد يقول عليا كدابه
حركت دموعها وطريقة بكاؤها أشجانه وقال فى
عطف
بصى يا مهرة متروحيش تلعبى معاهم تانى ولما حد يضايقك تانى متعيطيش أبدا خليكى قويه اللى مش مصدقك عنه ما صدقك
أنهمرت دموعها وهى تستمع إليه ثم قالت وانا ذنبى ايه أنى شكلى أصغر منهم ..حتى صحابى فى المدرسه بيضحكوا عليا
لا يعلم فارس لماذا ذكرته بنفسه وبحاله تذكر كلماته مع الدكتور حمدى وهو يقول له
طب وانا ذنبى ايه أنى
ساكن فى مكان زى ده وأن ماليش
شعر أنه لابد أن يعلمها درسا ..لا بل يريد أن يلقن نفسه هذا الدرس أولا نظر لها بجدية وقال
شوفى يا مهرة انتى أه شكلك