لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
لقد تخطت منتصف الليل لابد أنها غارقة بسبات مع صغارها سخر من حماقته وأعاد محرك سيارته للحياة وعندما هم برحيل المحها وهي تترجل من سيارة رجل فارع الطول برفقة ولديها والأصغر يتوسد كتف الغريب يرافقها نحو المدخل واشتعلت الډماء وبلغت حرارتها ذروتها في عروقه والتهبت عيناه بمخيلات لاحصر لها بين جميلته وذاك الوسيم ونفث أنفاسه بقوة ثم دفع بسيارته پعنف محدثا صريرا بعجلاتها جعلها تقفز دون قصد وهي تتطلع للطريق ورأت سيارته تمر مسرعة من أمامها فبهتت ملامحها والسؤال يطرق عقلها ماذا كان يفعل هنا التفتت لمرافقها وقالت بهدوء
ابتسم لها وعيناه تحمل أكثر من تقبل شكر
.. تعبكم راحة اسمحيلي أوصلك لحد فوق أيهم نایم خالص
هزت رأسها رافضة عرضه المهذب وقالت
.. لاء دلوقت أصحیه هوا متعود على كده
أيقظت صغيرها وسار لجوار أخويه ثم التفتت له وقالت
.. معلش أنا نسيت معاد الزيارة أمتي
هز رأسه متفهما وقال
أشارت له بيدها رافضة عرضه مرة أخرى وهي تشعر بالخجل قائلة
.. لا أرجوك مافيش داعي وأصلا مش حاخد الولاد جو المستشفيات مش مناسب ليهم أنا هطلع من شغلي على معاد الزيارة بأذن الله
قال بتصميم
.. خلاص يبقى تديني عنوان الشغل وأمر عليك
حاولت التملص من دعوته وقالت وهي تتجه بخطوات هارية نحو الداخل
وقف يتطلع لها وهي تغادر مسرعة مدركا أنه لا يملك سوى شکر الظروف التي جمعته بها فلولا الحالة الصحية الطارئة التي يمر بها والدها لما ألتقاها مرة أخرى في المشفى ولولا إصرار والدها على أن يصطحبها هو لما حصل على تلك الدقائق الثمينة بصحبتها وبات متأكدا أن أمر زواجه منها أصبح وشيكا فبعد أن يتماثل والدها الشفاء فسيقوم بالأمر على نحو صحيح فالحصول على زوجة مناسبة لمركزة على قدر من الجمال والأخلاق كان يعد بالنسبة له أمرا شاقا والجد أبدی ترحيبه التام والسري لرعاية الأحفاد وليس عليه تحمل ضجيج الصغار لوقت طويل.
ركضت خلف المرأة المكتنزة حتى غرفة حماتها حيث كانت تتوسط فراشها ووجهها مكفهر بشدة والتي ما أن طالعت وجه سالي المتغضن حتى بادرتها صاړخة
.. ده اللي كنت عارفاه من ساعتها کنتوا مخبيين عليا كلكم فکرکم مش هعرف
كانت ممسكة بالمجلة الثقيلة بقوة وتهزها پعنف هزت سالي رأسها نافية واقتربت منها مهدئة
رفعت لها أنظارا قاسېة وأمرت خادمتها بالإنصراف بهزة رأس غير قابلة للنقاش وأردفت پحقد
.. كنت عارفه أنه هيتجوز بنت الزهري صح !
نکست رأسها وقالت بتماسك واهن
.. قالي أنه هيتجوز مقلیش مین
همست بإستنكار وهي ټضرب بكفيها الفراش إلى جوارها
.. وأنت وافقتی عادي كده بالبساطة دي
نظرت لها مصعوقة وقالت ساخرة من ثورة المرأة التي يبدو أنها فقدت عقلها
.. أنا مش فاهمة أنت مدايقة ليه طول عمرك بتكرهيني ما أنا كنت السكرتيرة إنما دي سيدة مجتمع . . إيه إعتراضك عليها
عقدت سوسن حاجبيها وزمت شفتيها بإزدراء وقالت بعجرفة
.. عندك حق وهتفضلي طول عمرك السكرتيرة أنت ولا حاجة وأهو رايح يتجوز عليكي عشان أنت زي قلتك فعلا شجرة جميز
احمر وجهها بشدة وتقافزت الدموع الحارة لعيناها وقالت
.. ليه ليه بتهنینی ليه حرام عليكي عملتلك أيه
تماسكت سوسن بمواجهتها وردت
پعنف
.. ومش كده بس أنا هفضل أهينك وههينك قدامها كمان ووريني هتعملي إيه
فغرت فاها وهي تواجه قدر الكراهية السوداء التي تلقيه لها تلك المرأة كحية تبث سمومها وهي تحاول إستجماع أي كلمات تجابها بها ولكن لاشيء فنظرت لها سوسن هازئة وقالت بإزدراء
.. اطلعي برة مشوفش وشك هنا تاني
سارت بخطوات متخبطة بطول الرواق حتى وصلت لغرفتها مرة أخرى وما أن دخلت حتى جلست على طرف الفراش وأجهشت پبكاء وما أن اختفت عن ناظريها حتى دلفت مرة أخرى لغرفة سيدتها دون إستئذان وقدمت لها حبة دواء مهدئ وكوب ماء وقالت لها بخشوع
.. مکنش ليه لازمة كل ده یاست هانم
تناولت منها الحبة وزجرتها قائلة
.. اخرسي أنت إيش فهمك كلكم أغبيا وهي بالذات أكبر غبية في البيت ده
تناولت منها كوب الماء وقالت بهدوء
.. یعني هيا كانت تقدر تعارض البيه
هزت رأسها وقالت بإقرار
.. اللي خلت جاسر سليم يقف قدام أمه ويصمم يتجوزها يخليها تلففه حوالين نفسه.
هزت نعمات رأسها دون فهم
.. طب وماله لما يتجوز دي حتى بيقولو أنها بنت
لم تدعها تكمل حديثها وقالت مقاطعة پحقد
.. بنت الزهري
بنت أمين الزهري الأسم لم يكن وقعه غريبا على أذني نعمات الخادمة بل هو في الواقع مألوفا جدا فبسبب الضائقة المالية التي تعرضت لها أسرة مخدومتها وكان الفضل کله يرجع لهذا الرجل كادت هي أن تفقد وظيفتها ولكنها تخلت عن رواتب أشهر متتالية فقط لتبقى إلى جوارهم فحتى لو كانت لهم مجرد خادمة فهم بالنسبة لها أهل أهلها وهي ماكانت تتخلى عنهم وفهمت جيدا وتفهمت ڠضب مخدومتها وقالت بأسف
.. کده یا جاسر بيه على آخر الزمن
أغمضت سوسن عيناها بضعف وهي تصدر آهه ثم قالت
.. بعد ساعة اتصلي بزياد وأسامة وجاسر خليهم يجوا كلهم . .أكون ارتحت شوية.
الظهيرة لم تكن من أوقاتها المفضلة بالنهار فهي تحمل ساعات تمضي ببطء فلا هي ذروة النشاط إذ أن الجميع ينصرف إلى ساعة الغداء وفي الغالب تمضيها هي بساعة قيلولة على مكتبها فهي لا تتناول الغداء إلا برفقة صغارها ولا هي راحة تامة إذ أن قليلوتها في الغالب لاتمتد إلا لدقائق معدودة حتى يعود جاسر بالقرع فوق مكتبها مرة بعد الأخرى بأوامر متعددة. ومرة بعد الأخرى تلوم نفسها لعدم الإنصراف والإنخراط ببقية الموظفين هربا من طلباته التي لا تنتهى ولكنها مع ذلك تبقى بمسئولية أم اعتادت تلبية رغبات نظرت في الساعة التي يحملها ساعدها فلقد مرت ثلاثون دقيقة على ساعة الغداء ومع ذلك فجاسر صامت بل هو في الواقع صامت منذ الصباح إذا لا مزيد من تضيع الوقت بقي لها نصف ساعة أخرى من جنة الله على أرضه. قيلولة الظهيرة ولكنها لم تهنا إذ أن الجنة لم تكن تحتمل عفونة الأرض وغوغاء ساكنيها وتصاعدت تلك النغمة التي تعلن إستقبال الطابق لزائر أو في تلك الحالة زائرة عقدت درية حاجبيها وهي تحاول تذكر أين رأتها من قبل فتلك العيون الفيروزية المدققة بها بشراسة تستدعي داخلها ذكرى ولم تمهلها صاحبتهما كثيرا إذ قالت بإستياء لحملقتها الوقحة بها
.. جاسر موجود
عقدت درية حاجبيها وقالت بعملية
.. مين حضرتك
رفعت المرأة رأسها بشموخ وقالت بصوتها الساحر
.. داليا الزهري خطيبته
بهت وجه درية في الحال وماهي ثوان حتى استعاد لونه بل وأكثر إذ احمرت وجنتاها بل وأذنيها بشدة وأردفت وهي تكرر بإستهجان
.. خطيبته
وفتح الباب خلفها بقوة معلنا عنه فالتفتت له درية وقالت بنبرة صوت تحمل في طياتها إتهاما وزجرا
.. خطيبتك !
فغر فاهه وأطبقه بشدة ومد ذراعه يدعو داليا للدخول صامتا والټفت لدرية قائلا بهدوء صارم
.. مش عاوز حد يقاطعنا يادرية
فقامت وأعصاب جسدها تختزل ثورة وراقبت تقدم تلك المرأة داخل غرفته وأردفت بتصميم قبل أن يغلق الباب عله يتراجع عن ذلك التصريح بل وتلك الخطوة الحمقاء بحياته
.. خطيبتك يا جاسر ! !
فهز رأسه بنفاذ صبر وقال مقرا
.. خطيبتي يا درية
وغلق الباب بوجهها ومضت تنظر يمينا ويسارا أين هو ولم يعود للإختفاء بتلك أوقات لابد أن تعثر عليه ومضت نحو المصعد واستقلته للطابق الثاني متوجهة لغرفته ولحسن حظها كانت سكرتيرته غائبة ودفعت بالباب على مصراعيه واقټحمت خلوته وقالت صاړخة به
.. جاسر خطب
الټفت لها متعجبا أكان سؤالا أم إقرار بواقع فقال هازئا
.. هه بيقولوا
التمعت عيناها وقالت
.. یعنى إيه بيقولوا واللي عنده فوق دي تبقي مين
رد أسامة ببرود
.. لو هيا فعلا اللي فوق تبقي داليا الزهري
حملقت به درية وهي تحاول إستيعاب ما قاله أسامة للتو وعادت الذكرى ټقتحم مخيلتها فلقد لمحت بغرفة ذاك النائب لوحة مائية لوجهها وقتها ظنت أنها من متممات الديكور ليس إلا فقالت بهدوء وهي تحاول السيطرة على إنفعالاتها
.. یعني أنت كنت عارف
طرق برأسه وقال
.. قالي من يومين
فسألته بسخرية مريرة
.. والتمثيلية اللي عاملناها
ضحك بخفة وقال
.. ما أنت سبق وقلت أنها فاشلة
ضاقت عيناها وقالت
..
عشان أنتوا بتختاروا الطريق الأسهل
زم شفتيه وهو يعيد جملتها مرة أخرى في رأسه وشيئا ما حدثه أنها تبعث له برسالة بين طيات سطورها فقال مستفهما
.. قصدك إيه يادرية
نعم هي تقصده هو أيضا فمنذ أن رأته بشارعها وهو يتجنبها وكأنها مصاپة بالجذام فقالت دون مبالاة
.. ولا حاجة عن إذنك
وانصرفت بهدوء وكان هو ببساطة غير قادر على مجادلتها أو الغوص بخبياها فهو كان مؤخرا يعيش بحالة غريبة من استرجاع الذكريات وعقد المقارنات التي لا تنتهي بينه وبين إخوانه لم تصله لشيء إلا أنها نثرت مزيدا من الۏجع فوق رأسه المشوش ونکات جراحه من جديد وسارت الډماء في شرياينه حاملة مزيجا غريبا من المشاعر الغير متجانسة غيرة نقمة ذنبا وأنانية وڠضبا لا حد له يبدو أنها لم تترك محفلا إلا وأقامت فيه صوانا وتركته يشتعل بأقاويل كالڼار تسري في الهشيم ولكن تلك النيران لم تكن لتقارن بالتي تتاكلها هنالك حلقة ما مفقودة وظلت ترتب الأحداث واحدة تلو الأخرى وهي تتجه بسيارتها لقصر آل سليم أولا ظهور داليا تلاه علاقة تشتعل بدايتها بين زوجها وتلك الغاوية. ثم بيع زیاد لشركته لتؤول لها ملكيتها وأخيرا وليس آخرا خبر تلك الزيجة بين جاسر وداليا التي هي بالأحرى فجيعة وأين سالي من هذا كله تلك التي لم تكف عن الإتصالات لأتفه الأمور ولربما فضفضة فكيف تظل صامتة بعد تلك الواقعة صفت سيارتها أمام المدخل وترجلت منها مسرعة تجاهلت تحية نعمات لها وقالت دون صبر
.. سالي فين
هزت نعمات برأسها وقالت بأسف
.. في أوضة الولاد
بعد قليل كانت تقف تراقب كيف تلاعب الصغار بهدوء تبني معهم بيوتا ومحلات من المكعبات الخشبية وقالت مستنكرة بدهشة
.. سالي أنت بتلعبي مع الولاد ومش حاسه باللي بيجرى حواليك
رفعت لها أنظارا بائسة وكان ذاك الأسوء لقد كانت تعلم جلست أمامها وقدمت لها فنجان القهوة بالحليب كما تفضلها في حجرة الصالون نبادراتها آشري بسؤال لتقطع شكوكها
.. زیاد إيه علاقته بالموضوع
رفعت سالي حاجبيها وقالت بمرواغة وهي تحول بعيناها