الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

انت في الصفحة 38 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز

لحيث سيارة كريم المرصوفة وودع الرجل بتحية حارة وهو لازال يكتم ضحكاته حتى اڼفجر قائلا
.. إنت مش ممكن ممثلة درجة أولى 
عبست بوجهه قائلة
.. مش أنت اللي قولت كده هيعلي علينا 
هز كفه نافيا وهو يضحك ممازحا إياها
.. ڼصابة درجة أولى ده الراجل طول الطريق لعربيته عمال يقنع فيا نقبل وهينزل السعر أكتر 
ضحكت سالي قائلة
لا من بعض نصائحكم 
فتح كريم السيارة وقال داعيا إياها للصعود
.. لا يالا طيب أوصلك في سكتي 
احمرت وجنتا سالي وقالت
.. مافيش لزوم تتعب روحك أنا هاخد تاکسي 
نظر لها کریم مليا فهي دوما ترفض بشكل مبطن مرافقته لأي مكان بسيارته وهو كان لا يمانع إذ أنه يجد من غير اللائق دفعها للقيام بأمر لاتحبذه فقال عابسا
.. طب ماتجيبلك عربية بدال ۏجع القلب ده همت 
لتسخر من تلك الفكرة ولكنها تذكرت إمتلاكها لملايين وإمتلاك سيارة لن يؤثر على ميزانتيتها ولكنها مع ذلك قالت
.. ناوية بإذن الله أول ما أحوش مبلغ محترم أدفعه مقدم 
فتح لها كريم الباب وبعند قال
.. طب اركبي أوصلك لأقرب مكان حتی وبطريقتي السحرية هقنعك أنه من الطبيعي تستغلي الفلوس في حاجات تانيه بخلاف المشروع الخيري 
هزت سالي رأسها دون فهم فكيف إستطاع الولوج لعقلها ومعرفة السر الذي يمنعها من تحقيق رغبتها وبالفعل صعدت السيارته وما أن صعد هو الآخر حتى قالت للدفاع عن نفسها
.. على فكرة الموضوع مش زي ما أنت فاكر وأنا . . 
قاطعها كریم قائلا
.. من مبادىء الإحسان والخير أنه الواحد يحسن لنفسه الأول یا سالي عشان تقدري تدي لازم تاخدي ده أمر ضروري عشان ما تهدریش طاقتك 
عقدت سالي حاجبيها وهي تفكر في مغزی کلماته فتابع هو
.. العربية دي وسيلة تسهل عليك الانتقال من مكان للتاني مهمة ليك وللولاد كمان فرضا لا قدر الله أي حاجة حصلت بسرعة هتعرفي تكوني معاهم 
ظهرت إمارات الإقتناع على وجهها حتى قالت بامتعاض
.. أنت معاك حق بس الحقيقة إني حتى نسيت السواقة وبقالي زمن مسوقتش عربية 
قال كريم ببساطة وبإبتسامة واسعة
.. وأنا رحت فين 
كعادته مؤخرا طبع قبلة دافئة على جبين صغاره وهم نائمون وقبل أن ينصرف متجها لغرفته ليبدل ملابسه باغتته الصغيرة بعناق متشبث برقبته وغمغمة هامسة محلاة بطعم أحلامها البريئة
.. أنا بحبك يا بابا 
توقف عن الحراك للحظات وضمھا لأحضانه مرة أخرى ودثرها جيدا وهو يغمغم لها
.. وأنا بحبك ياقلب بابا 
ثم اتجه لفراش أخيها مرة أخرى وقبل جبينه مرة أخرى قائلا بهمس
.. بكرة تكبر وتعرف أد إيه أنا بحبكوا 
خطواته كانت متعبة في الواقع مذنبة مهما ابتعد بعناده السافر سيعود لأرض الواقع ليقر بحقيقة لاجدال فيها يفتقدها ويفتقد لذة أمان أحضانها حوله وحول صغاره عنادا بات مرا كالعلقم عندما يستيقظ صباحا ليجد أن من تحوطه بأحضانها أخرى يجد نفسه غريبا عنها مهما حاولت هي الاقتراب وجدها تنتظره بغلالة إرجوانية تكشف الستار عن مفاتنها وعطرها النفاذ يستبقها لتستقبله بأحضان حارة وعلى النقيض استقبلها هو ببرود جم قائلا بصوت متجمد كعضلات جسده
.. لسه صاحية ! 
ابتسمت له بافتنان
.. أنا حتى لما بكون زعلانه منك بعمل نفسي نايمة بس مبقدرش يغمضلي عين وأنت مش في حضڼي 
هز رأسه واتجه بصمته نحو الخزانة ليخلع سترته ليجد أن أناملها امتدت واقټحمت فتحة قميصه لتتولى هي خلعه عنه فغمغم بضيق
.. داليا أنا . . 
قالت بهمس
.. أنت محتاج مساج من بتوع زمان فاكر 
موسم الإمتحانات عبارة تلخص معاناة كل أسرة أو بالأصح أم مصرية ولم تكن درية مستثناة من تلك القاعدة ليس لأنها تخشى حصول أبنائها على درجات متدنية فهي تؤمن بأن النجاح بالمستقبل يظل بید من يسعي له حتى آخر رمق ولو

كان بآخر لحظة ولكنها تخشی توابعه فوقت الفراغ الذي يقضيه أبنائها بعد حصولهم على إجازة العام كان دوما أمرا شاقا ينتهي بتدخل والدها الضاري والذي يسعد به الأحفاد أفكار انغمست بها حتى أنها لم تلحظ أنه كان يراقبها لدقائق منصرمة وهي تحيط نفسها بعدة أوراق وملفات وأصابعها تعبث بها بطريقة عشوائية ليست من شیمها وعندما لاحظته أخيرا ارتسمت على وجهها نظرة مؤنبة وقالت
.. خیر یا باشمهندس!
اقترب منها مانحا إياها إحدى نظراته الماكرة دون حساب قائلا ببسمة متواضعة
.. أبدا كنت جاي لجاسر 
قالت وكأنما تهذب طفلها المشاكس
.. أظن أنت عارف أنه بقي بيتأخر الصبح شوية 
هو كان يدرك تلك المعلومة إذ أن أخيه بحالة نفسية سيئة بعد رحيل أمهما فأصبح يستغرق وقتا في الاستيقاظ والتوجه بهمة لعمله ولدافع قوي ليعود لمنزله البارد دونها ودون طيف زوجته السابقة فقال وهو يهز رأسه بهدوء
.. طيب أن هدخل استناه جوه وهاتي البوسطة أمضيها 
عبست بتوتر
.. علي أي أساس يعني 
غمز بعيناه وقال وهو ينصرف لغرفة جاسر
.. على إعتبار ما سيكون 
ضمت حاجبيها پغضب وقامت لتتبعه بعند قائلة
.. بس جاسر مدانیش أوامر بكده 
الټفت لها هازئا
.. أصل الحاجات دي بتحصل فجأة يعني زي الخطوبة كده 
نکست رأسها وقالت باستسلام
.. أنا متخطبتش يا أسامة 
اقترب منها ليقول حانقا
.. ماهو ده بقى اللي عاوز أفهمه علي أي أساس كان بيتكلم البأف ده 
ڼهرته بشدة
.. متقولش عليه بأف 
استشاط ڠضبا هو الآخر وزعق بها
.. نعم يا أختي 
فغرت فمها بذهول وقالت مؤنبة
.. أسامة 
ثم انتبهت لزلة لسانها ريثما اقترب منها بل في الواقع اقترب بشدة حتي بات يخترق بأنفاسه حجابها الحاجز وهو يقول بهمس دافئ
.. يا عيون أسامة 
وتدافعت قدماها نحو الخلف هارية بخطوات سريعة كتدافع الډم لوجنتها
.. أنا ورايا شغل
بذهن مشوش إنصرف من عمله كما أتی صباحا تاركا درية تنظر لإثره بشفقة بالغة عائدا للقصر الذي يدرك أنه في تلك الساعة تكون هي قد غادرته منذ قليل ورسالة نصية من داليا تخبره بوجود عطل ما في شقتها وأنها ستغيب عنه تلك الليلة رغما عنها فاستقبلها براحة تامة فهو بحاجة للاختلاء بنفسه ولكنه لا يدرك ألسوء حظه أم لقدره السعيد دلف لغرفة أطفاله ليجدها لازالت برفقتهم فاستقبلته ببرود وقالت هامسة خشية أن توقظ الأبناء وهي تهرب من صحبته نحو الخارج
.. سلیم بكرة عنده إمتحان فضلت قاعدة جمبه لحد مانام 
تبع إثرها وأغلق باب الغرفة وقال بهدوء مستفسرا
.. إمتحان إيه
التفتت له وارتسم على وجهها رغما عنها ملمحا ساخرا
.. ماث 
عقد حاجبيه ليقول بحنق
.. مش معنی أني مش عارف يبقى كده أنا مش مهتم هيا الفكرة إني واثق بأنك واخده بالك منهم فمكفرتش لما ريحت دماغي من جهة ولا حرام أرتاح من الفكر شوية 
زمت شفتيها وقالت بصلابة
.. بإيدك ترتاح من الفكر تماما وتسيبهم معايا
اقترب منها قائلا بعند أكبر
.. عشان لما يكبروا يحسوا أني رميتهم 
توترت أنفاسها وقالت بحنق
.. ده اللي انت بتفكر فيه شكلك قدامهم! مبتفكرش أنهم طول النهار هنا في رعاية الدادات جدتهم الله يرحمها وأنت بترجع بعد العشا وكلها أسبوع ويخلصوا مدرسة مين هيراعيهم طول الوقت!
قال مدافعا عن نفسه وهو يشعر بالڠضب يختنق أنفاسه
.. أنت اللي سيبتيهم وجاية دلوقت تقولي مين هيراعيهم مفكرتيش في ده قبل كده ليه 
شددت قبضتها على حقيبته المعلقة على كتفها وقالت
.. طبعا ماهو الذنب ذنبي لوحدي وحضرتك خالي من أي مسئولية 
تهكم منها بضحكة خاڤتة
.. وأنا لما أسيبهوملك كده أبقى شيلت المسئولية 
اقتربت منه دون خوف وأمسكت بذراعه في لحظة أطلقت لڠضبها منه العنان
.. أنت بتعمل كل ده عشان حاجتين بس مالهومش تالت عندك وإحساسك بالعظمة وأنه مهما كان أنا دوري على الهامش في حياة الولاد 
نظر لكفها الرقيق الذي يحيط بذراعه بقبضة واهية وأمسك به فأجفلها وقال بصوت أجش هامس وهو يقربه من شفتيه ولثم باطنه بحرارة تختلج صدره شوقا
.. كده يبقوا ۳ حاجات ياسالي والتلاته غلط 
ارتجفت شفتيها بل ارتجف جسدها كله كأنما أصيبت بصاعقة كهربائية لا قبلة صغيرة دافئة الملمس حطت على كفها الصغير القابع بين أنامله القوية لتفترش ذكرياتها البعيدة والقريبة قلبها لينوح بصړاخ يدوي بالشوق إليه رغما عنها فسحبت كفها بغتة وكذلك خطواتها لهروب نحو الخارج ودموعها تستبق الرحيل من مکمن جفونها المرتخية بعيدا عن أي شاهد ..من كان يظن أنه لا يستطيع التنقل داخل حجرات القصر بحرية ويقبع منتظرا وصول أخيه بغرفة الصالون كأي ضيف لا لأنه ليس على وفاق مؤخرا معه أو لأن والدتهما قد رحلت بل لأن اخيه أصبح متزوجا بتلك الحية الرقطاء التي استقبلته بإبتسامة بارده وعللت عدم قدرتها بالترحيب به كما يجب بسبب حملها المزعج الذي كثيرا ما يسبب لها الغثيان وكأنه يأبه لها ولغثيانها تلك اللعېنة ! لو كانت سالي مازالت

زوجته حتى الساعة لما شعر بحرج أفكار مريرة تناوشه تذكره بما خسره وبما تبقى له وتشعره بالنهاية أنه غاية في الضالة إن كان يشعر بالغربة بمنزل طفولته فكيف يشعر الطفلان ببعدهما القسري عن الحنون أمهما نظر لأعينهما المتسعة البريئة وابتسم لهم إبتسامة صافية من قلبه قائلا
.. هاه أخدتو الأجازة ولا لسه 
هزت سلمى رأسها بحماس قائلة بفرح
.. أخدتها بس سليم لسه أخدها النهارده كان عنده امتحان ماث 
الټفت له زیاد قائلا
.. وعملت إيه في الإمتحان یا سليم 
رد سليم بفخر
.. حليته كله صح ماما كانت مراجعه معايا كل المسائل 
رد زیاد بدهشة
.. هيا ماما بتيجي هنا 
ابتسم الطفلان وقالا سويا
.. آه كل يوم 
هز زیاد رأسه بتقدير بالغ فيبدو أنه قد بخس سالي حقها إنها أم بالفطرة ولم تكن تلك الحية ولا ذاك الرأس الصلد المتحكم بأفعال أخيه بعائق لها وانتبه لوجه أخيه وهو يحدق به بدهشة فقام وقال بسخريته المريرة
.. أرجو مکنش بتطفل 
عبر جاسر باب الغرفة سريعا وقال بضيق
.. وقاعد في الصالون ليه فكرت جالنا ضيف 
زم زیاد شفتيه وقال
.. ماهو أنا فعلا بقيت ضيف 
أسامة قالي أنك مصمم تشتري نصيبنا 
الټفت جاسر لأطفاله وقبلهم وأمرهم باستباقه لغرفة المعيشة وما أن أطاعاه حتى الټفت لأخيه قائلا بإصرار مټألم لسوء ظن أخيه به 
.. لأن مش من حقي أقعد فيه أنا وعيالي من غير ما أديكم حقكم فيه لكن ده هيفضل بيتك يا زياد متجيش تقعد في صالونه زي الأغراب 
تنهد زیاد وقال بشبه اعتذار
.. عموما أنا مكنتش هطول أنا جيت أسلم عليك أنت والولاد وحشوني كمان أنا رجعت إسكندرية بشكل دایم 
عقد جاسر حاجبيه وقال
.. والكافية 
رفع زیاد حاجبيه دهشة فاستطرد جاسر
.. ناس معارف قالولي أنك شارکت واحد وفتحت کافية في القاهرة 
ضحك متهكما وقال
.. قصدك جواسيس عموما لو كنت استنيت شوية كانوا قالولك إني رجعت عشان أفتح فرع تاني هنا وفي الوقت الحالي بنجهز فرع في شرم 
هز جاسر رأسه بتقدير ومد يده ليصافح أخيه الأصغر قائلا بصدق
.. مبروك 
صافحه زیاد وتابع بنفس النبرة الساخرة
.. عقبال ما أباركلك على المولود قابلت مراتك وبلغتني 
تلاشت ملامح الود من على ملامح جاسر
37  38  39 

انت في الصفحة 38 من 57 صفحات