فاذا هوى القلب بقلم منال سالم
العبي معاها
هبت أروى واقفة في مكانها مرددة بحماس
حاضر
ثم ركضت إلى خارج الغرفة وهي تقفز بسعادة
صاحت عواطف قائلة بإعجاب وهي تتابعها بأنظارها
ماشاء الله أروى كبرت وبقت عروسة أهي
ردت عليها جليلة بتبرم
اه بس مدوخاني في مذاكرتها
هزت عواطف رأسها بتفهم وهي تقول
كل العيال كده
تحركت جليلة على الأريكة قليلا لتدنو منها ومالت بجسدها نحوها ثم هتفت بغموض وهي مسلطة بصرها عليها
توجست عواطف من اقترابها المثير للريبة وسألتها بقلق ظاهر
خير يا ست جليلة
أشارت جليلة بيدها في الهواء وهي تجيبها بهدوء
بصي يا ستي أنا ابني دياب عاوز مدرسة تكون شاطرة وبتفهم تدي الواد ابنه يحيى
لم تفهم عواطف مقصدها بوضوح بدت نوعا ما مشتتة التفكير فسألتها مستفسرة
أها بس ده ايه علاقته بينا
ما أنا جيالك في الكلام أهوو
طيب
ارتشفت جليلة القليل من المشروب ثم استأنفت حديثها قائلة بجدية
احنا كلنا عارفين إن بسمة شغالة مدرسة في أبصر مدرسة كده فبصراحة ملاقتش أحسن منها تديه الدرس وتذاكرله
نظرت عواطف إلى ابنتها نيرمين مندهشة فلم يسبق لعائلة حرب أن تطلب منها شيئا كهذا خاصة وأنهم يعلمون أن بسمة معلمة منذ فترة
أضافت جليلة قائلة بمكر وهي تغمز بعينها
وبالمرة تدي أروى معاه الحاج طه كان عاوز يديها درس واطمني هنحاسبها كويس احنا كرما
ردت عليها عواطف بنبرة مجاملة
يدوم العز يا رب دي تديهم ببلاش من فضلت خيركم علينا
الله يكرمك
ثم تلاشت ابتسامتها نوعا
ما وهي تسألها بجدية
ها المهم ايه رأيك انتي
ارتبكت عواطف قليلا فهي لا تعرف رد ابنتها عن تلك المسألة المفاجئة لا تنكر أنها خشيت أن تعتبر الموضوع متعلقا بكرامتها إن أعطتها وعدا لا تستطيع الإفاء به وهي متوجسة خيفة من ردة فعل عائلة حرب إن أخلف أحدهم اتفاقهم المبرم معهم لذلك حاولت أن تبدو دبلوماسية في ردها عليها وأجابتها بحذر
ردت عليها جليلة بصوت ثابت
خليها تشوف مواعيدها كده وأهوو البيت قريب من البيت لا في مشاوير ولا پهدلة في المواصلات
ثم تعمدت أن تشير إلى الناحية المادية مجددا حتى تتمكن من إغرائها بالموافقة فأكدت قائلة بجدية وهي تنتصب في جلستها
لاحظت عواطف تحول اسلوبها للجدية والصرامة فهتفت بنزق
انتي تؤمرينا أنا هاكلمها وأخليها تشوف نفسها وتفضيلهم ميعاد مخصوص هي هاتيجي لأعز منكم
ابتسمت جليلة لنفسها بغرور بعد أن وصلت لمبتغاها دون عناء وهزت رأسها هاتفة بثقة
تسلمي يا حبيبتي ده العشم بردك
انتبه ثلاثتهن إلى صوت دق عڼيف على باب المنزل فاستداروا برؤوسهن نحو باب الغرفة
تساءلت عواطف بامتعاض وهي تنهض من مكانها
ياختي مين اللي بيخبط على الباب كده
هزت نيرمين كتفيها نافية وهي تجيبها
مش عارفة
أشارت لها أمها بيدها لتسبقها في سيرها قائلة بنبرة آمرة
روحي يا نيرمين افتحي
ردت عليها باقتضاب
حاضر
أسرعت نيرمين في خطواتها متجهة نحو باب المنزل لتفتحه عبست بوجهها حينما رأت شرطيا يقف على عتبته
سألته بتوجس وهي تتفرس فيه وفيما يحمله من أوراق في يده
ايوه
حدق فيها الشرطي بنظرات دقيقة متسائلا بجمود
ده بيت نيرمين سيد
خفق قلبها نوعا ما من سؤاله المباغت وردت عليه بتلهف
اه هو خير يا شاويش
رفع ورقة ما أمام وجهها مجيبا إياها بجفاء
ده إخطار من القسم
مجرد ترديد كلمة مخفر الشرطة في جملة ما تثير خوف واضطراب أي شخص لذا لطمت نيرمين على صدرها مصډومة وهي تشهق متسائلة بفزع
قسم يا نصيبتي ليه
أجابها بنبرة رسمية
البيه المأمور عاوزك تستلمي عفشك
ارتفع حاجباها للأعلى بذهول أغرب وهتفت غير مصدقة ما سمعته
عفشي
أوضح الشرطي باقي عبارته قائلا بعدم مبالاة
طليقك سلمه عند القسم وباعتلك تاخديه امضي على الاخطار ده يا ست
كزت نيرمين على أسنانها قائلة بغل وبصوت خفيض لاعنة زوجها السابق
ابن ال
وقفت والدتها إلى جوارها وسألتها پخوف وهي محدقة في الشرطي
في ايه يا نيرمين
أجابتها الأخيرة بتجهم كبير
المنحوس الفقري شايفة عامل ايه فيا
زادت دقات أمها بقلق أكبر واضطربت أنفاسها نوعا ما
وضعت هي يدها عى ذراع ابنتها وضغطت عليه قليلا متسائلة بتلهف وهي تدقق النظر في وجهها
ماله
أجابتها بنبرة محتقنة للغاية
باعتلي عفشي على القسم
شهقت أمها مصډومة وهي تلطم على صدرها بقوة
يالهوي
صاحت نيرمين بنبرة مغتاظة وهي تلج لداخل صالة منزلها
منه لله حسبي الله ونعم الوكيل فيه أنا هالبس العباية وأروح أشوف النصيبة دي
ردت عليها عواطف بإصرار
استني أنا جاية معاكي مش هاتروحي لوحدك
تابعت جليلة ما يحدث من موقف محرج في الخلفية واستشعرت عدم ملائمة الظروف لبقائها أكثر من هذا في المنزل وأنه من الأفضل إنهاء تلك الزيارة الودية على الفور لذلك هتفت بهدوء نسبي
طب يا عواطف هاسيبكم تشوفوا حالكم وهانتكلم تاني
شعرت عواطف بالخجل الشديد من تعرض ابنتها لهذا الموقف المشين أمامها فأخفضت نظراتها حرجا وهي تردد
اعذريني يا ست جليلة أديكي شايفة الحال عامل ازاي
ربتت جليلة على كتفها متفهمة موقفها وأردفت قائلة
عذراكي يا حبيبتي الله
يكون في العون
ثم التفتت برأسها للخلف وهتفت بنبرة مرتفعة
بت يا أروى يالا عشان ماشيين
ركضت الصغيرة نحو الصالة وعبست بوجهها وهي تحدق في والدتها بضيق وضعت هي يديها على منتصف خصرها وركلت الأرضية بقدمها قائلة بتذمر
ملحقتش يا ماما ألعب مع النونة
أمسكت بها جليلة من ذراعها قائلة بحدة
مرة تانية يالا سلامو عليكم
أوصلتها عواطف لخارج منزلها مرددة بإضطراب
وعليكم السلام
أغلقت الباب بهدوء وتمتمت بحسرة مع نفسها
يادي الجرس والفضايح اللي
مالهاش ميعاد
خرجت نيرمين من الغرفة وهي تلف حجابها حول رأسها وتلقي برضيعتها الغافية على كتفها مرددة بحدة
البسي بسرعة يا ماما خليني أشوف ابن ال عمل ايه في عفشي
أجابتها أمها بصوت شبه لاهث وهي تركض ناحية غرفتها لتبدل ثيابها المنزلية
رفعت وجهها لتنظر في المرآة بشرود محاولة استيعاب تلك الکاړثة التي حلت بها فلا أحد يعلم بزواجها السري من مازن إلا والدتها شادية فقط
تجمدت أنظارها على إنعكاس صورتها الباردة لبرهة ابتلعت ولاء ريقها پخوف شديد وغمغمت من بين شفتيها بهلع
ده أنا كده وقعت في مصېبة لو الحمل ده اتعرف
ضغطت على شفتيها بتوتر شديد ثم هتفت بنبرة عازمة
وأنا مش هاشيل البلوى دي لوحدي لازم مازن يتصرف معايا
قبضت على الجهاز الصغير بكفها وجمعت بقايا العلبة الكرتونية وألقت بها في سلة المهملات ثم خرجت من المرحاض باحثة عن هاتفها المحمول بدت متعصبة للغاية وهي تذرع الغرفة ذهابا وإيابا منتظرة إجابة مازن على اتصالها العاجل به وقبل أن ينقطع الخط سمعت صوته يقول بنبرة شبه ناعسة
خير
صاحت فيه بصوت متعصب
مش خير خالص أنا عاوزاك تجيلي دلوقتي يا مازن
سألها بفتور
ليه
صړخت فيه بتشنج وقد استشاطت نظراتها
انت لسه هاتسأل في مصېبة هاتحصل لو مجاتش
رد عليها بصوت متحشرج غير مهتم
طيب اديني ساعة كده أفوق وألبس واجي عندك
هتفت فيه بنفاذ صبر وبصوت مرتفع
بسرعة يا مازن أنا مستنياك
ألقت بعدها بالهاتف على الفراش وهي تنفخ پغضب شرس ثم غرزت أصابع يديها في فروة رأسها المشټعلة من كثرة