الإثنين 25 نوفمبر 2024

فاذا هوى القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 27 من 77 صفحات

موقع أيام نيوز


لتتحدث معها بشأن بيع حصتها بالدكان كي تنتهي من تلك المسألة العالقة لذلك حدثت نفسها بجدية وهي تتجه نحوه
أما أكلم بالمرة حنان بدل ما أتلبخ في مصېبة تانية وأنسى موضوعها كفاية القلق اللي عملهولي بسمة 
أمسكت بالسماعة ووضعتها على أذنها ثم بدأت في طلب الرقم الخاص بعائلة أخيها
سمعت صوت رنين الهاتف على الطرف الأخر لكن للأسف لم يأتيها أي رد فانتابها القلق وهي تتساءل مع نفسها بحيرة

راحوا فين دول
وضعت السماعة في مكانها بعد تكرارها للاتصال لعدة مرات قائلة بإستغراب
محدش بيرد يكونش الخط بايظ
زمت شفتاها وهي تضيف
خلاص هأطلبهم وقت تاني وأنا ورايا ايه غير كده
بعد مرور يومين
توجهت أسيف بصحبة والدتها إلى أحد المراكز الطبية الحديثة المتخصصة في حالتها لتوقيع الكشف الطبي المبدأي عليها بعد أن حجزت لها موعدا مسبقا فيه
انتظرت بالخارج ريثما ينتهي الطبيب من فحصه لها
كانت أعصابها على أشدها فمن بالداخل هي أغلى ما
في حياتها
مر الوقت بطيئا عليها وهي تراقب الوافدين والخارجين بنظرات شاردة
لمحت إحدى الممرضات تتحرك على مقربة منها فهبت واقفة من مكانها لتسألها بتلهف
لو سمحتي هو الدكتور قدامه كتير
أجابتها الممرضة بنبرة عملية
لسه شوية اقعدي ولما هايخلص هناديلك 
هزت رأسها متفهمة وهي ترد بصوت حرج
اوكي شكرا 
عاودت الجلوس على مقعدها المعدني بإسترخاء وتابعت المرضى وذويهم بنظرات فاترة فتفكيرها بالكامل منصب على ما يحدث بالداخل لأمها
بعد وقت ولجت الممرضة مرة أخرى للخارج وتلك المرة اتجهت نحوها
انتفضت أسيف واقفة من مقعدها المعدني متسائلة بقلق
ماما خلصت
أجابتها الممرضة بهدوء
أيوه الدكتور هيقابلك في مكتبه
ثم أشارت لها بيدها لتتبعها قائلة بجدية
تعالي ورايا من فضلك
طيب 
تحركت الاثنتان في اتجاه غرفة الطبيب القابعة في نهاية الرواق الجانبي
دقت الممرضة بخفة على الباب قبل أن تفتحه وتتنحى للجانب لتفسح المجال لأسيف لتمر أمامها
ابتلعت الأخيرة ريقها بتوتر وحدقت في الطبيب بنظرات خجلة
انتبهت لصوته يقول بجدية
تعالي يا آنسة
رفعت انظارها نحو والدتها التي كانت تدفعها ممرضة أخرى من مقعدها لتقترب من مكتب الطبيب
هتفت أسيف بتلهف وهي تركض ناحيتها
عاملة ايه يا ماما
ثم انحنت عليها لتقبلها من أعلى رأسها
وضعت حنان يدها على وجه ابنتها ومسحت عليه برفق مجيبة إياها بخفوت
بخير يا بنتي
أشار الطبيب بيده لأسيف لتجلس قبالته قائلا بصرامة قليلة
اتفضلي يا آنسة
أومأت برأسها
إيجابا وجلست على المقعد المواجه لمكتبه ثم وزعت أنظارها بينه وبين أمها وهي تتساءل باهتمام
خير ماما حالتها كويسة و وهل ينفع يتعملها عملية ترجع تمشي على رجلها تاني
صمت الطبيب للحظة قبل أن يجيبها بهدوء مريب وهو يسلط أنظاره على السيدة المسنة الجالسة قبالته
بالنسبة لسنها ووضعها الحالي فأنا شايف إن الحالة تعتبر إلى حد كبير مستقرة لكن أكيد محتاجة علاج عشان تتحسن
لم تفهم أسيف المراد من كلامه المنمق فسألته مباشرة
يعني ماما هاتقدر تمشي زي زمان
ضغط على شفتيه قائلا بحذر
مخبيش عليكي ده صعب في حالتها لكن
قاطعته حنان قائلة بنبرة محبطة
أنا عارفة من الأول إنه زي قلته وقولت مافيش داعي للسفر والپهدلة كله محصل بعضه
حلت الصدمة على قسمات وجه أسيف لم تتخيل صعوبة الحالة بتلك الدرجة
عجزت لوهلة عن التفكير فقد كانت معلقة لآمال كثيرة على علاجها ومن ثم تماثلها للشفاء والآن بات كل هذا شبه مستحيل
تدارك الطبيب الموقف متفهما أسلوب مريضته المحبط وهتف قائلا بجدية
يا حاجة مافيش حاجة مستحيلة الفكرة بس إن الموضوع هيحتاج وقت وصبر ومايمنعش إننا ممكن نوصل مرحلة متقدمة وآ
لم تدعه حنان يكمل جملته للنهاية حيث قاطعته مرة أخرى قائلة بحسم وقد تجهم وجهها للغاية
مالوش لازمة يا بني كتر خيرك
ثم وضعت يديها على عجلتي مقعدها المتحرك لتدفعه مرددة بصوت آمر لكنه مخټنق
يالا يا أسيف
أفاقت أسيف من ذهولها المصډوم على صوتها الآمر واستدارت برأسها نحوها لتجدها تتحرك مبتعدة فنهضت سريعا من مكانها قائلة برجاء ومحاولة إخفاء تأثرها
يا ماما استني
لم تلتفت لها أمها وأكمل تحركها مرددة بصرامة
يالا يا بنتي
أدارت أسيف رأسها في اتجاه الطبيب قائلة بحرج بائن
أنا اسفة يا دكتور عن اذنك
لحقت هي بوالدتها في الخارج وقبل أن تفتح شفتيها لتنطق بجملة ما صاحت حنان بغلظة محذرة إياها
أسيف ولا كلمة دلوقتي
احتجت أسيف على عنادها مرددة
بس
هتفت حنان مقاطعة إياها بحزم
خلاص مش عاوزة أحكي في حاجة دلوقتي خلينا نرجع اللوكاندة
نكست أسيف رأسها بحزن وبدا الإحباط الممزوج باليأس واضحا عليها
تنهدت بعمق قائلة لنفسها بأسف
ليه بس كده يا ماما ليه تفقدي الأمل واحنا لسه في أول مشوارنا
سارت بتريث خلف والدتها وظلت أنظارها اللامعة التي تعكس حالتها المستاءة متجمدة على مقعدها المتحرك وقاومت بجهد كبير ذرف عبراتها وهي بصحبتها فلا داعي لأن تبدو بكل تلك الهشاشة وهي تحاول بث القوة إليها
تمكنت زوجة صاحب محل الجزارة من إخراج زوجها من محبسه بكفالة مالية وأوصاه المحامي الخاص به بضرورة التصالح مع المدعية عليه وإجبارها على التنازل قبل أن يتطور الوضع ويتفاقم
رفض الجزار الإنصات له وصاح بحدة متوعدا إياها
ردت عليه زوجته بضيق محاولة إثناءه عن تهوره
وده وقته جاي تكلم قصاد القسم 
رد عليها بحنق كبير
ده أنا شوفت پهدلة جوا  
أردف المحامي الخاص به قائلا بهدوء
انت محتاج تراضي البت دي عشان القضية ماتكبرش 
احتج الجزار مرددا بغلظة عنيدة
مش هايحصل يا أنا يا هي 
انزعجت زوجته من عناده المهلك قائلة بصوت مرتفع
أوف ما تفضنا من سيرة البت دي أنا مصدقت أعرف أخرجك من المخروب ده هاتحطها في دماغك وټتسجن واحنا نتبهدل من بعدك
رد عليها بنبرة عدائية وقد أظلمت نظراته
هو أنا هارتاح إلا لما أرميها الرامية السودة اللي كنت فيها
أصرت هي على موقفها قائلة
سيبك منها وركز في مصالحك
تمتم الجزار بغيظ من بين أسنانه وهو يحك مؤخرة رأسه
دي قادرة وڤاجرة
ربتت زوجته على ظهره عدة مرات هاتفة بصوت جاد
طب بينا على البيت تروح تستحمى وتغسل جتتك
من البراغيت 
حك عنقه ومقدمة صدره بكفه الخشن قائلا بإنهاك
اه والله ده غير ضهري اللي اتقطم من نومة البورش
ثم استدار بجسده ناحية المحامي ليضيف بجمود
لا مؤاخذة يا أستاذنا انت شايف حالتي عاملة ازاي نتكلم في المحل أخر النهار 
رد عليه المحامي بإيجاز وهو يهز رأسه
تمام  
لاحقا
عادت كلا من حنان وأسيف إلى الفندق المتواضع وجلست الاثنتان سويا بالغرفة رافضتان تناول الطعام
حدقت أسيف في صحنها المليء بالطعام بنظرات حزينة شاردة فشاغلها الأكبر هو حالها أمها الصحية وبعنادها هذا هي تمنع أي فرصة للسعي وراء العلاج وطلب الشفاء  
رأت حنان العبوس واضحا على ابنتها فاستطردت حديثها قائلة بجدية
شوفي يا أسيف أنا سمعت كلامك وجيت هنا وأنا متأكدة إن مافيش علاج لحالتي كل ده قضا
انتبهت ابنتها لها وردت عليها بصوت مخټنق نوعا ما
الطب اتقدم يا ماما وحاجات كتير اتغيرت عن زمان فليه تستسلمي على طول
أجابتها أمها بهدوء زرين
أبوكي الله يرحمه عمل اللي عليه وقتها معايا وسافر بين هنا وهناك وفي كل حتة والنتيجة كانت واحدة
ثم صمتت لثوان قبل أن تتابع بنبرة أكثر هدوءا
وأنا الحمدلله راضية بنصيبي واتعودت على كده  
اقتربت أسيف من أمها وچثت على ركبتيها أمامها لتكون في مستوى نظراتها المنخفضة ثم همست لها برجاء
عشان خاطري يا ماما خلينا نحاول تاني في أكتر من مركز كويس احنا لسه في البداية
ثم مدت يديها لتمسك بكفيها
 

26  27  28 

انت في الصفحة 27 من 77 صفحات