فاذا هوى القلب بقلم منال سالم
لتتحدث معها بشأن بيع حصتها بالدكان كي تنتهي من تلك المسألة العالقة لذلك حدثت نفسها بجدية وهي تتجه نحوه
أما أكلم بالمرة حنان بدل ما أتلبخ في مصېبة تانية وأنسى موضوعها كفاية القلق اللي عملهولي بسمة
أمسكت بالسماعة ووضعتها على أذنها ثم بدأت في طلب الرقم الخاص بعائلة أخيها
سمعت صوت رنين الهاتف على الطرف الأخر لكن للأسف لم يأتيها أي رد فانتابها القلق وهي تتساءل مع نفسها بحيرة
وضعت السماعة في مكانها بعد تكرارها للاتصال لعدة مرات قائلة بإستغراب
محدش بيرد يكونش الخط بايظ
زمت شفتاها وهي تضيف
خلاص هأطلبهم وقت تاني وأنا ورايا ايه غير كده
بعد مرور يومين
توجهت أسيف بصحبة والدتها إلى أحد المراكز الطبية الحديثة المتخصصة في حالتها لتوقيع الكشف الطبي المبدأي عليها بعد أن حجزت لها موعدا مسبقا فيه
كانت أعصابها على أشدها فمن بالداخل هي أغلى ما
في حياتها
مر الوقت بطيئا عليها وهي تراقب الوافدين والخارجين بنظرات شاردة
لمحت إحدى الممرضات تتحرك على مقربة منها فهبت واقفة من مكانها لتسألها بتلهف
لو سمحتي هو الدكتور قدامه كتير
أجابتها الممرضة بنبرة عملية
لسه شوية اقعدي ولما هايخلص هناديلك
اوكي شكرا
عاودت الجلوس على مقعدها المعدني بإسترخاء وتابعت المرضى وذويهم بنظرات فاترة فتفكيرها بالكامل منصب على ما يحدث بالداخل لأمها
بعد وقت ولجت الممرضة مرة أخرى للخارج وتلك المرة اتجهت نحوها
انتفضت أسيف واقفة من مقعدها المعدني متسائلة بقلق
ماما خلصت
أجابتها الممرضة بهدوء
ثم أشارت لها بيدها لتتبعها قائلة بجدية
تعالي ورايا من فضلك
طيب
تحركت الاثنتان في اتجاه غرفة الطبيب القابعة في نهاية الرواق الجانبي
دقت الممرضة بخفة على الباب قبل أن تفتحه وتتنحى للجانب لتفسح المجال لأسيف لتمر أمامها
ابتلعت الأخيرة ريقها بتوتر وحدقت في الطبيب بنظرات خجلة
انتبهت لصوته يقول بجدية
رفعت انظارها نحو والدتها التي كانت تدفعها ممرضة أخرى من مقعدها لتقترب من مكتب الطبيب
هتفت أسيف بتلهف وهي تركض ناحيتها
عاملة ايه يا ماما
ثم انحنت عليها لتقبلها من أعلى رأسها
وضعت حنان يدها على وجه ابنتها ومسحت عليه برفق مجيبة إياها بخفوت
بخير يا بنتي
أشار الطبيب بيده لأسيف لتجلس قبالته قائلا بصرامة قليلة
أومأت برأسها
إيجابا وجلست على المقعد المواجه لمكتبه ثم وزعت أنظارها بينه وبين أمها وهي تتساءل باهتمام
خير ماما حالتها كويسة و وهل ينفع يتعملها عملية ترجع تمشي على رجلها تاني
صمت الطبيب للحظة قبل أن يجيبها بهدوء مريب وهو يسلط أنظاره على السيدة المسنة الجالسة قبالته
بالنسبة لسنها ووضعها الحالي فأنا شايف إن الحالة تعتبر إلى حد كبير مستقرة لكن أكيد محتاجة علاج عشان تتحسن
لم تفهم أسيف المراد من كلامه المنمق فسألته مباشرة
يعني ماما هاتقدر تمشي زي زمان
ضغط على شفتيه قائلا بحذر
مخبيش عليكي ده صعب في حالتها لكن
قاطعته حنان قائلة بنبرة محبطة
أنا عارفة من الأول إنه زي قلته وقولت مافيش داعي للسفر والپهدلة كله محصل بعضه
حلت الصدمة على قسمات وجه أسيف لم تتخيل صعوبة الحالة بتلك الدرجة
عجزت لوهلة عن التفكير فقد كانت معلقة لآمال كثيرة على علاجها ومن ثم تماثلها للشفاء والآن بات كل هذا شبه مستحيل
تدارك الطبيب الموقف متفهما أسلوب مريضته المحبط وهتف قائلا بجدية
يا حاجة مافيش حاجة مستحيلة الفكرة بس إن الموضوع هيحتاج وقت وصبر ومايمنعش إننا ممكن نوصل مرحلة متقدمة وآ
لم تدعه حنان يكمل جملته للنهاية حيث قاطعته مرة أخرى قائلة بحسم وقد تجهم وجهها للغاية
مالوش لازمة يا بني كتر خيرك
ثم وضعت يديها على عجلتي مقعدها المتحرك لتدفعه مرددة بصوت آمر لكنه مخټنق
يالا يا أسيف
أفاقت أسيف من ذهولها المصډوم على صوتها الآمر واستدارت برأسها نحوها لتجدها تتحرك مبتعدة فنهضت سريعا من مكانها قائلة برجاء ومحاولة إخفاء تأثرها
يا ماما استني
لم تلتفت لها أمها وأكمل تحركها مرددة بصرامة
يالا يا بنتي
أدارت أسيف رأسها في اتجاه الطبيب قائلة بحرج بائن
أنا اسفة يا دكتور عن اذنك
لحقت هي بوالدتها في الخارج وقبل أن تفتح شفتيها لتنطق بجملة ما صاحت حنان بغلظة محذرة إياها
أسيف ولا كلمة دلوقتي
احتجت أسيف على عنادها مرددة
بس
هتفت حنان مقاطعة إياها بحزم
خلاص مش عاوزة أحكي في حاجة دلوقتي خلينا نرجع اللوكاندة
نكست أسيف رأسها بحزن وبدا الإحباط الممزوج باليأس واضحا عليها
تنهدت بعمق قائلة لنفسها بأسف
ليه بس كده يا ماما ليه تفقدي الأمل واحنا لسه في أول مشوارنا
سارت بتريث خلف والدتها وظلت أنظارها اللامعة التي تعكس حالتها المستاءة متجمدة على مقعدها المتحرك وقاومت بجهد كبير ذرف عبراتها وهي بصحبتها فلا داعي لأن تبدو بكل تلك الهشاشة وهي تحاول بث القوة إليها
تمكنت زوجة صاحب محل الجزارة من إخراج زوجها من محبسه بكفالة مالية وأوصاه المحامي الخاص به بضرورة التصالح مع المدعية عليه وإجبارها على التنازل قبل أن يتطور الوضع ويتفاقم
رفض الجزار الإنصات له وصاح بحدة متوعدا إياها
ردت عليه زوجته بضيق محاولة إثناءه عن تهوره
وده وقته جاي تكلم قصاد القسم
رد عليها بحنق كبير
ده أنا شوفت پهدلة جوا
أردف المحامي الخاص به قائلا بهدوء
انت محتاج تراضي البت دي عشان القضية ماتكبرش
احتج الجزار مرددا بغلظة عنيدة
مش هايحصل يا أنا يا هي
انزعجت زوجته من عناده المهلك قائلة بصوت مرتفع
أوف ما تفضنا من سيرة البت دي أنا مصدقت أعرف أخرجك من المخروب ده هاتحطها في دماغك وټتسجن واحنا نتبهدل من بعدك
رد عليها بنبرة عدائية وقد أظلمت نظراته
هو أنا هارتاح إلا لما أرميها الرامية السودة اللي كنت فيها
أصرت هي على موقفها قائلة
سيبك منها وركز في مصالحك
تمتم الجزار بغيظ من بين أسنانه وهو يحك مؤخرة رأسه
دي قادرة وڤاجرة
ربتت زوجته على ظهره عدة مرات هاتفة بصوت جاد
طب بينا على البيت تروح تستحمى وتغسل جتتك
من البراغيت
حك عنقه ومقدمة صدره بكفه الخشن قائلا بإنهاك
اه والله ده غير ضهري اللي اتقطم من نومة البورش
ثم استدار بجسده ناحية المحامي ليضيف بجمود
لا مؤاخذة يا أستاذنا انت شايف حالتي عاملة ازاي نتكلم في المحل أخر النهار
رد عليه المحامي بإيجاز وهو يهز رأسه
تمام
لاحقا
عادت كلا من حنان وأسيف إلى الفندق المتواضع وجلست الاثنتان سويا بالغرفة رافضتان تناول الطعام
حدقت أسيف في صحنها المليء بالطعام بنظرات حزينة شاردة فشاغلها الأكبر هو حالها أمها الصحية وبعنادها هذا هي تمنع أي فرصة للسعي وراء العلاج وطلب الشفاء
رأت حنان العبوس واضحا على ابنتها فاستطردت حديثها قائلة بجدية
شوفي يا أسيف أنا سمعت كلامك وجيت هنا وأنا متأكدة إن مافيش علاج لحالتي كل ده قضا
انتبهت ابنتها لها وردت عليها بصوت مخټنق نوعا ما
الطب اتقدم يا ماما وحاجات كتير اتغيرت عن زمان فليه تستسلمي على طول
أجابتها أمها بهدوء زرين
أبوكي الله يرحمه عمل اللي عليه وقتها معايا وسافر بين هنا وهناك وفي كل حتة والنتيجة كانت واحدة
ثم صمتت لثوان قبل أن تتابع بنبرة أكثر هدوءا
وأنا الحمدلله راضية بنصيبي واتعودت على كده
اقتربت أسيف من أمها وچثت على ركبتيها أمامها لتكون في مستوى نظراتها المنخفضة ثم همست لها برجاء
عشان خاطري يا ماما خلينا نحاول تاني في أكتر من مركز كويس احنا لسه في البداية
ثم مدت يديها لتمسك بكفيها