عشق القلوب بقلم سهام صادق
انت في الصفحة 1 من 25 صفحات
الفصل الأول
بقلم سهام صادق
نظرت الي يديها لتجدها قد باشت وأبيض جلدها من كثرة الصابون والماء اللذان أصبحت تعيش بينهم مع الأطباق التي لا تنتهي من الغسل لتتأمل ساعتها البسيطه قبل أن تركض مسرعة الي عملها وهي تتذكر أعين العجوز الضخم وصوته العالي وهو ينهرها
مريم بتعب من اثر ذلك الركض أنا كده أتأخرت ومستر عدنان مش هيرحمني
لينظر اليها عدنان بعدما داعب شاربه ووضع بيده علي كرشه الضخم وهو يتلذذ مذاق ذلك الحساء قائلا انتم المصرين هكذا
وتركها وذهب ليكمل باقي ما يصنعه من طبخ في مطعمه المتواضع
تعلقت بها نظرات صديقتها ريما فهي عربيه من اصل جزائري تعيش هنا في كندا من أجل العمل كي تجلب نقودا تنفق بها علي والدتها المريضه وأخاها الذي مازال طالبا مريم أنتي اتأخرتي كده ليه
فتداعبها ريما وهي تقترب منها بشوكتها العملاقه كده يامريم ماشي انتي اتأخرتي ليه بقي
لتنظر اليها مريم بحسره كنت ببعت فلوس لماما وبعدين قررت أفضل شويه قدام البحر اصله بيفكرني بسكندريه
فتترك مريم الطبق الذي تغسله من ايديها قائله ومين قال ان انا عايزه اجيب هدوم او عايزه اخرج في العطله فلوس السكن الحمدلله انا عامله حسابها ياستي ومټخافيش مش هخليكي تدفعيلي وادبسك
وقبل ان تكمل ريما حديثها اقتربت مريم منها بوجه مبتسم وانا بهزر ياريما علي فكره
ليسمعوا صوت العجوز الصخب يعلو حتي تقول ريما ضاحكه اكيد الاكله الجديده اللي بيخترعها مقاديرها متظبطتش معاه
واذا تأملت ذلك القصر ستشاهد صرحا عملاقا وسط حديقة خضراء واسعه محاطه ببلورات الكريستال المضاءه التي تعلو هذه الأعمده الأسطوانيه وعندما تدلف قدميك داخله ستنبهرعيناك بهذا الطراز الذي صمم به لتري عالما من الثراء الفاحش الذي يعيشه صاحب القصر
فيلقي بهاتفه جانبا ويدخل ذلك الممر الذي ينتهي بحجره واسعه مليئه بأحدث ملابس الموضه الرسميه والغير ذلك وبعد دقائق كان يخرج وهو ينثر من عطره المفضل علي بذلته ويقف أمام المرئه ليمشط شعره برسميه وتصبح هذه هي هيئته العمليه
صوفيا هشوفك أمتا تاني ياجو
ليبتسم لها هو بعدما أرتدي ساعته الأنيقه أكيد لما يجيلي مزاج يا صوفيا وقبل أن يذهب ويتركها اه صحيح أنا كتبتلك شيك بالمبلغ اللي محتاجاه عشان تعرفي بس أن يوسف أدور مش بياخد حاجه غير لما بيدفع تمانها
فتترك هي لكلماته ان تتناثر حولها كما تناثر ذلك العطر حتي اصبحت رائحته تتلاشي فتمسك الشيك وتتأمل المبلغ فتبتسم أبتسامة عريضة
وعندما رددت بقلبها قبل لسانها قول الله تعالي ولا يظلم ربك أحدا
أغمضت عيناها ببطئ وهي تتذكر حياتها السابقه لتدمع عيناها علي الماضي وهي تضم بكتاب الله الي صدرها قائله ربنا مش بيظلم حد يامريم اصبري
فتتجمع الغيوم حول السماء ويبدء المطر بالسقوط بغزاره لتقف وترفع عيناها للسماء من شرفة غرفتها الصغيره التي تقطنها مع صديقتها ريما ثم تمد بأحد أيديها فتتساقط قطرات المطر لتنساب من بين أصابعها حتي تبتسم وهي تتذكر طفولتها بشرود
يلاا يامريم ادخلي بسرعه عشان متبرديش
فتنظر لوالدتها بابتسامة هادئه لاء أنا عايزه ألعب في المطر وافضل باصه للسما كتير مش أنتي قولتيلي ياماما أن ربنا بيستجاب لدعائنا لما المطر بينزل لانه بيجي معاه الخير انا هفضل ادعي بقي أن بابا ينزل من السما
لټحتضنها والداتها بقوه وهي تمسح علي شعرها قائله بحب بابا راح عند ربنا ياحببتي والي
بيروح مش بيرجع تاني ادعيله أن ربنا يرحمه
فترفع بوجهها المبلل من أحضان والدتها ربنا يرحمك يابابا !!
لتفيق مريم من شرودها علي صوت صديقتها يلاا يامريم العشا جاهز
فتذهب الي طاولتهم الصغيره ناظره الي ذلك الحساء الساخن قائله ايه ده ياريما
فتبتسم ريما قائله شربة عدس بالجزر انتي ناسيه اننا بقينا في نص الشهر
لتضحك مريم علي صديقتها انتي تقريبا بتعملينا طول الشهر شربة عدس بالجزر ياريما
فترفع ريما بوجهها عن طبقها قائله شربة العدس مفيدة في الجو ده
وبعد أن نظرت مريم الي طبقها وقطعة الخبز الصغيرة بسم الله الرحمن الرحيم
لتتطلع اليها ريما هو انتي كنتي بتقري ايه يامريم انا كنت سامعه صوتك وانتي پتبكي
فتبتسم مريم لها كنت بقرء في كتاب ربنا ياريما عايزاني بقي أزاي مبكيش وانا بين ايد الحنان المنان الكريم
لتنظر اليها ريما بغرابه وانتي ليه كنتي بتقولي لا يظلم ربك احدا هو ربنا ظالم
فتمد مريم يدها لتضعها برفق علي يد صديقتها بالعكس ياريما ده هو الحاكم والعادل الأعظم أحنا اللي بنظلم نفسنا وبنظلمها اووي كمان وانا لما بحس اني مظلومه في الدنيا وشيطاني بيصورلي أن ربنا ظالمني بحب اوي افتكر الايه ديه عشان أثبت لشيطاني كويس ان ربنا عمره ماظلم حد من عباده وبكده نفسي بتطيب الا بذكر الله تطمئن القلوب
فتنهض ريما من أمامها انتي فليسوفه يامريم وعارفه عن ربنا حاجات كتير ريما متعرفهاش بس ليه بقي ربنا خلق ناس زي وزيك فقراء پيتعذبوا في حياتهم وناس تانيه عايشه في قصور وراكبه احدث العربيات وترفع ريما يدها بأحدى المجلات قائله شايفه الحفلات وشايفها الناس دول اه لو واحد فيهم دخل مطعمنا ده ممكن مستر عدنان يبقي اغني واحد في المنطقه
فتبستم مريم قائله لصديقتها هو انتي مبتصليش ليه ياريما ولا انتي مسلمه بالاسم بس
فتمسك ريما بطبقها كي تفرغ ما به من طعام قائله وهصلي ليه مادام مافيش أي أمنيه لريما بتتحقق لا ريما بقيت غنيه ولا حياتها أتغيرت الاحسن ان ريما تعيش كده من غير دين
فتتأملها مريم بحسرة وهي تخرج من جيبها صورة ذلك الطفل ذو قدم واحده قائله طيب والطفل ده انتي مش شايفه نفسك أنك أحسن منه وانتي واقفه علي رجلك ليه بصيتي لأصحاب القصور والعربيات الحديثه ومبصتيش للطفل ده
فتقول ريما ساخره عشان لازم نبص ديما للأحسن منا ده هو المفروض مينفعش الأنسان يبص للأقل منه
فتربت مريم علي كتف صديقتهاا بعدما نهضت انتي طيبه ياريما بس عقلك ده عايز غسيل من اول وجديد
فتضحك ريما قائله بالعكس انتي الي عقلك ده عايز غسيل من جديد لتمسك بيدها حتي تقترب من تلك المرآه الصغيره التي تتوسط غرفتهما بصي لنفسك في حد لسا بيلبس كده او حاطت علي شعره القماشه ديه ده أسمه تخلف يامريم
فتبتسم مريم لصديقتها قائله واجمل تخلف ياريما صدقيني احنا ليه بتعجبنا المجوهرات والتحف الجميله
لتنظر اليها ريما قائله بتعجب عشان مش اي حد يقدر يشوفها ويشتريها يعني انا وانتي مثلا منقدرش نقف عند اكبر محلات المجوهرات لانهم ممكن يفتكرونا لصوص
فتضحك مريم قائله وانا بقي مش سلعه رخيصه عشان اي حد يقدر يشوفها وشوفتي انتي شبهتي الي بيشوف المجوهرات ديه بأيه بالص شوفتي بقي ربنا حافظني ازاي بحجابي ولبسي ده حافظني حتي من عيون اللصوص عشان انا غاليه
لتنظر اليها ريما بتعجب قائله يلا ننام يامريم عشان شغلنا بكره
فتبتسم مريم وتهرب ريما من تلك الافكار التي تراودها بأحلامها
شخصية اذا رأيتها ستظن بأنها لا تفعل شيئا سوى العمل وكيف لا تظن ذلك وبالرغم من عمره الذي لا يتعدي الثلاثون سوى بثلاث اعوام أصبح يحمل اسما ناجحا في عالم البيزنس نعم هو ينتمي لتلك الطبقه المخملية ولكن عندما بدء يتخلي عن رفاهية الشباب ويدخل هذا العالم استطاع ان يثبت اسمه وبقوة رغم نزواته التي أيضا تلاحقه وتسرق منه بقية عمره
فيرفع بوجهه قليلا بعدما نظر في بعض الاوراق بأتقان ووقعها كده اوراق الصفقه تمام يا أمجد في اي حاجه تانيه
فينظر أمجد الي بعض الاوراق ثم يعود بالنظر اليه فيقول عجباك حياتك ديه يايوسف سهرات وشرب فين نفسك من كل ده
فيضحك أمجد قائلا وانت مبسوط بحياتك ديه بقي
فيبتسم يوسف قائلا جداا هو في حد يلاقي حياه زي ديه وميتبسطش
وقبل ان يتحدث اليه أمجد ثانية تطلع هو الي ساعة يده قائلا متكملش عارف هتكلمني عن الدين بس للاسف ديني ده الي بتتكلم عليه انا معرفش عنه حاجه انا مسلم اسما وبس ثم قال ضاحكا ومسيحي برضوه
ليقول أمجد يتنهد بس انت مسلم يايوسف ولا
انت ناسي ان والدك مسلم صحيح انت أتربيت في وسط عائله مسيحيه عشان والدتك مسيحيه بس انت في النهايه اسمك يوسف عبدالله أحمد يابن خالي
فيبتسم يوسف قائلا انت اه قولت اني اتربيت علي الدين المسيحي بس للاسف ولا بقيت مسلم ولا بقيت مسيحي انا عايش بعقيدة نفسي
ليتطلع اليه امجد بأسي حتي يقول يوسف بكره عندنا اجتماع بدري ومتشغلش بالك بيا كتير سلام
وانصرف وهو لا يفكر بشئ سوى بعالمه الفاني لتتبعه نظرات ابن عمته بأشفاق وهو يقول ربنا يهديك يابن خالي !
نظرت اليها الطفله بعفويه ثم بدأت تقرب يديها التي لطخت بالدقيق حتي أصبحت بيضاء مثلها تمام وبرغم من بياض يديها الا أنها أكتسبت ذلك اللون أيضا فتأملتها مريم بضحك قائله كده يا لانا تعملي فيا كده فتمسك بيدها برفق حتي يقتربوا سويا من تلك المرئه التي تتوسط هذا المطبخ شوفتي بقينا أزاي ودلوقتي لو جدو دخل علينا هيرفدني
لتبتسم الصغيره قائله بس لانا مش هتخلي جدو يرفد مريم لان لانا بتحب مريم كتير
فټحتضنها مريم
وهي تبتسم علي نطق الصغيره لها بأسمها من بين حديثهاا وهي تقول مريم كتير طب أشمعنا كتير بقي الي