لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
وقالت
.. أنا مسيبتكومش ولا عمري هسيبكم يا حبايبي فترة كده عبال ما نقدر نتجمع تاني مع بعض
فقالت سلمى بحبور
.. یعنی هترجعي البيت تاني
رفعت أنظارها لنعمات التي تراقبهم والدموع ترسم منحنياتها فوق وجنتيها مستنجدة بها فنظرت لهم مجددا وقالت
.. مش عاوزاكوا تشغلو دماغكم بحاجة إحنا مع بعض دايما يالا بقا عشان تلحقوا التمرين
.. يبقا مش هترجعي البيت تاني
أمسكت بذراعه واستوقفته قائلة
.. مش يمكن نروح كلنا نعيش في مكان تاني
ارتسم الأمل على وجهه وقال
.. إحنا وبابا
وتلك المرة لم تخذلها نعمات التي قالت بتصميم
.. ياله یا سليم عشان تلحق التمرين بتاعك المدرب كده هيزعل منك لو اتأخرت
.. البيت وحش من غيرك ياست سالي والله
ابتسمت لها سالی بعرفان وقالت
.. خلي بالك منهم يا نعمات
فاقتربت نعمات منها وقالت لتطمئن
هزت رأسها وقالت
.. هاجي أغديهم وأذاكرلهم بس الموضوع ده سر بيني وبينك فاهمة
هزت نعمات رأسها وقالت
.. متقلقيش محدش هيعرف حتى الست سوسن متعرفش أنا مجيبتلهاش سيرة وكدة ولا كدة هيا بتكون نايمة
عقدت سالي حاجبيها وقالت
.. هيا هما أأقصد ال
أعفتها نعمات من نطق المزيد وقالت بتفهم
قاطعتها سالي فكانت لا ترغب في سماع المزيد من أماني خاوية لا تعني لها شيئا سوى أنها البديل عندما يفشل سيعود لها
.. يا عالم أنا هقوم اتطمن على الولاد
حلت ساعة الغداء فتركت كل مايشغل يدها يإهمال وتسابقت خطواتها نحو المصعد وفتح الباب فطالعت وجهه بمزيج من الدهشة والشوق الذي استنكرته ودلفت للمصعد صامتة فقال متعجبا
قالت ببرود
.. هتكلم أقول إيه
نظر لها وقال
.. على الأقل السلام عليكم يادرية
تنهدت وقالت .
.. السلام
عليكم
باغتها قائلا
.. إيه حكاية الإستقالة دي لسه الورق واصلني النهاردة
رفعت حاجبيها وقالت بإباء
.. ده قراري ومش هتنازل عنه
قال مستوضحا
.. لقيت شغل في مكان تاني أفضل
.. لاء بس هلاقي إن شاء الله
ضاقت عيناه وقال
.. خلاص لو زعلانة من جاسر تعالي عندي أنا مش هلاقي سكرتيرة أحسن منك
زمت شفتيها ونظرت له بتوتر وقالت عازمة رفض عرضه
.. شكرا بس أنا .
لم يمهلها وقتا للإعتراض فاندفع قائلا
.. ما هو إحنا اللي لازم نصلحله غلطه مالهوش غيرنا يادرية
وصل المصعد للطابق الأرضي فخرجت بخطوات بطيئة وقالت
.. یعني إيه وأنا صفتي إيه
ابتسم لها
.. نفس الصفة اللي أخدتي بيها قرار الإستقالة لما لقتيه بياخد قرار غلط
زمت شفتيها وقالت حانقة
.. أنا أخدت قرار الإستقالة عشان .
قاطعها مرة أخرى مقتربا منها وغير عابئ بالأنظار الفضولية التي تراقبهم
.. عشان إحنا قريبين من بعض ولما بنلاقي الناس اللي بنهتم بأمرهم بيغلطوا بنقرب أكتر مش بنبعد ونسيبهم
توردت وجنتها والتفتت بحرج لتواجه أنظار الجميع وقالت بجدية
.. هفكر
سار لجوارها ولم يدعها تكمل خطة هروبها فقال متفکها
.. هاه هتغديني إيه النهاردة
فالتفتت له متعجبة وقالت بفظاظة
.. عندك الكافيتريا نقي منها اللي يعجبك
فقال بعبث صبي في الحادية عشر
.. أنا هاكل من اللي هتاكلي منه
عقدت حاجبيها وقالت حانقة
.. على فكرة ميصحش كده الناس بيوصلنا
فغمز لها
.. عشان كده أفضل تكملي كسكرتيرة لجاسر وأنا أبقا أطلعلك
احمر وجهها وزجرته بنظرة ڼارية فقال مسترسلا بسرعة
.. یعنی لو احتجت حاجة في الشغل.
زيارة غير متوقعة أو بالأحرى غير محببة تلتها أخرى والفارق الزمني لم يتخطى الساعة فهي ليست مهيئة بعد لإستقبال أشخاص والحديث عما كان وكيف حدث لم تكن آشري بحاجة لمعرفة التفاصيل لأنها كانت شاهدا رئيسا إنما سيرين الأخت الكبرى التي فزعت وهرعت إليها فور سماع الخبر من كانت بحاجة للمعرفة ابتعدت عنهم بناظريها إن كان الچرح غائرا فالأشد وطأة عليها نكأه مرة بعد الأخرى بسيل من الكلمات الفارغة وأماني لا قيمة لها نظرت لهما غاضبة
.. كفاية بقا كفاية أنا مش عاوزة أحكي ولا حتى أسمع أي حاجة أنا محتاجه أفصل سيبوني شوية في حالي من فضلكم
زعقت بها سیرین حانقة
.. یعني تتطلقي من غير ماتاخدي رأي حد وتهدي بيتك ومش عاوزانا ننطق
نظرت لها الصغرى بعند
.. أيوه يا سیرین عشان دي حياتي أنا مش حياتك أنت ومن حقي أقرر مصيري
تدخلت آشري لتهدئة الأختين قائلة
.. براحة يا سیرین سالي مش غلطانه إحنا اللي غلطانين آفترأ وهيا عملت الصح
نظرت لها سيرين كمن تراقب مچنونة تجري بين الطرقات
.. صح!
.. صح إزاي تتطلق وتهد بيتها وتسيب ولادها وترجع تقعد هنا ده الصح!
التفتت لها آشري قائلة بسخرية حانقة
.. لاء هيا كانت تفضل قاعده عندها وجاسر يتجوز عليها بدال المرة ثلاثة وتقعد هيا میسز أمينة تربیله العيال وتمرضله أمه
قاطعتهم مجيدة بصوتها الهادیء وهي تضع صينية المشروبات أمامهم على طاولة صالون العائلة المتواضع
.. أنا شايفه كفاية كلام واشربوا حاجه وهدوا أعصابكم
كانت سیرین ترمق آشري بغيظ تلك المتحذلقة لابد أنها من دفعت أختها لطلب الطلاق والتمرد ذلك التمرد الذي تطفيء شعلته مرة بعد الأخرى متعمدة للحفاظ على أركان البيت كي يظلل أطفالها بأمان أم وأب مجتمعان شكليا وكلاهما بعيدان بعد المشرق والمغرب لكزت مجيدة ذراع سالي وأشارت لها لتتبعها للخارج صامتة وما أن اختلت بها في المطبخ الصغير حتى قالت بصوت خاڤت
.. متسمعيش لحد ياسالي يابنتي خلي قرارتك لنفسك بدال متنشغلي بيهم وأنت الأولى بروحك
هزت سالي رأسها بإذعان
.. أنا مش عاوزة أسمع حد أصلا أنا نفسي الكل يسبني في حالي
أمسكت مجيدة بذراع ابنتها بإصرار وحثتها قائلة
.. خلاص اخرجي قوليلهم كده حالا ودلوقت
وكالغريق عندما يتشبث ببارقة نجاة تشبثت سالي بالشجاعة التي تمدها بها أمها لتكون للمرة الأولى بحياتها وقحة تقدمت من الصالون حتى وقفت على عتبته قائلة بصوت قاطع
.. متشكرة يا جماعة على زيارتكم لكن أنا عاوزه أقعد مع نفسي شوية
رفعت سيرين حاجبيها متعجبة
.. إنت بتطردیني یا سالی شاهدة ياماما!
تقدمت أمها ووقفت إلى جوار صغيرتها وقالت
.. أختك مطردتکیش یا سیرین يابنتي ده بيتك زي ماهو بيتها
وضعت آشري الكأس بعدما فرغت منه ببرود وابتسمت لسالي وتقدمت منها وقبلتها ثم قالت
.. ایتس أوكيه آنی واي أنا عندي شغل كتير کنت جاية اتطمن عليك بس مش أكتر تيك كير ياسالي
ثم قبلت مجيدة قائلة
.. ثانكس يا طنط على الجوس طعمه كان تحفة
ربنت مجيدة على كتف آشري قائلة
.. هنيا يابنتي
فالتفتت آشري لسالي قائلة
.. مش هتوصليني ياسالي
تقدمت سالي بخطوات سريعة لأداء واجب الضيافة حتى آخر أركانها وودعت آشري بإبتسامة صغيرة والتي انتهزت الفرصة لدس بطاقة ورقية بكفها قائلة بهمس
.. أنا مش بتدخل أنا بس بديكي
خيط صغنن للبداية إذا حبيتي باي
أغلقت سالي الباب عاقدة الحاجبين وهي تتأمل غموض كلمات آشري الأخيرة ونظرت بالبطاقة لتجدها تخص إحدى مراكز علاج الأسنان المتخصصة بوسط الأسكندرية فوضعتها على الطاولة بجوار الباب يإهمال فهي مرهقة لحد بعيد تحتاج للنوم ولا شيء أكثر منه تجاوزتها أختها لتنصرف دون وداع فاستوقفتها سالي قائلة برجاء
.. سلميلي على الولاد
فردت سيرين ببرود
.. يوصل
وانصرفت الأخت الكبرى حانقة غاضبة وهي تعلم أن مصدر ڠضبها أن أختها تجرأت على القيام بما خافته ورهبته دوما والأشد أنها نالت مباركة الأم تلك المباركة التي ظنت أنها لن تحصل عليها أبدا إذا ما أقدمت على نفس الخطوة ولكن الصغرى دوما مدللة دوما تحصل على ماتريد حب الأب ودلال من الأم بعد رحيله وزوج تركته خلفها نعمها بحياة ثرية مرفهة دون مشقة عيش أو إحتياج لمال وتبقى هيا الكبرى بمسئوليات ترهق كاهليها تحيل حياتها چحيما تتمنى لو تستطيع فقط الخلاص والعودة كطفلة صغيرة بين جنبات بيتها القديم
وبعد يوم شاق طويل أخلدت لفراشها بعدما قامت بإتصال هاتفي سري لنعمات التي صعدت لغرفة الصغار ليتحدثوا مع أمهم وقد عاهدتهم على اللقاء بهم بأرض الأحلام بعد ساعة لتحثهم على النوم باكرا فقال سليم
.. هتلاقيني لابس سوبر مان ومستنيكي فوق السحاب
عندها جذبت سلمى منه الهاتف وقالت بطفوليتها المحببة
.. وأنا هكون لابسه ميرميد ومعايا فيش
فضحكت سالي وقالت
.. وأنا هكون لابسة باربي ونتقابل اتفقنا
وبالنهاية نامت سالی وأطفالها فلديهم موعدا هاما..
وقف أمام الباب وهو يفكر لم قام بتلك الخطوة لم لم يستمر بعنده وكبرياءه وعاد للقصر دونها وتركها تتحمل هي نتائج أفعالها ولكنه لم يجد سببا مقنعا فقد كان متعبا للغاية فتحت له الباب ولم تكن ارتدت ملابسها بعد وما كانت ترتديه كان أبعد ما يكون عن مسمى الملابس فالغلالة السوداء التي كانت تصل إلى ما قبل ركبتيها بشق الأنفس كانت تكشف أكثر مما ينبغي بكثير فعقد حاجبيه غاضبا ودفعها للداخل پعنف حتى شهقت بإنزعاج قائلة
.. فيه أيه يا جاسر بترقيني كده ليه
هدر فيها بثورة كالأسد الهائج
.. أنتي إزاي تفتحي الباب وأنت لابسه كده
نظرت له بهدوء وضاقت عيناها وسارت نحو الداخل حتى وصلت لغرفة نومها وهي تقول
.. الدور أصلا مفيهوش غير شقتين دي والتانيه صاحبها بيرجع كل سنه مرة
تابع هجومه الضاري وهو يسير خلفها حتى أصبح بمنتصف الحجرة
.. يرجع كل سنة مرة اتنين برضه مينفعش تفتحي الباب کده
اقتربت منه بدلال وضعت يدها على صدره قائلة بغنج
.. بتغير عليا
رفع حاجبيه مستنكرا قائلة بسخرية
.. لاء طبعا الفكرة أنك دلوقت حرم جاسر سليم ولازم من هنا ورايح تاخدي بالك من تصرفاتك ولبسك فاهمة
قالت ببرود وهي تبتعد عنه لتتموضع على الفراش يإغراء
.. أوكيه
نظر حوله بحيرة ودعك رقبته وهو يشعر پألم ثم فقال كمن يستنجد بأحدهم
.. إحنا إيه مش هتقومي تلبسي عشان نروح
عقدت حاجبيها پغضب متصنع وهي تهز رأسها فأنسابت خصلاتها الماجنة حولها كهالة من سواد الليل البراق قائلة
.. توء إحنا اتفقنا أنك لازم تعوضني عن ليلة إمبارح الأول
كان بحاجة للجلوس ففعليا قدماه تنوء بحمله فاقترب من الفراش الوثير وجلس على طرفه وهو يقول بصوت مرهق
.. طيب ممكن تقومي تلبسي وفي السكة نكمل كلامنا
قامت واقتربت منه وأحاطت رأسه بكفيها وأناملها تقوم بحركات دائرية منتظمة أسفل عنقه وتتغلغل داخل فروة رأسه فرفع حاجبيه وأغلق عيناه وتنهد متلذذا بما تقوم به أناملها الرفيعة فهمست بأذنه بصوت دافيء
.. أجيبلك حاجة تشربها!
هم ليفتح فمه ليعترض ولكنها انصرفت بمكر مسرعة وعادت قبل أن يلحظ ناولته كأسا من عصير العنب الأحمر المثلج مخلوط بورقيات النعناع المنعشة فتجرع نصفه وتحركت حتى أصبحت خلفه وهي تمسد كتفه المتشنج وعضلات عنقه المشدوده بخبرة فاستسلم لها وإن كان نالها