لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
أنها ستنتهي في الوقت القريب إذ أنه أكمل حديثه قابضا على ذراعها بقسۏة وعيناه أصبحت كسعير جهنم
.. تقصدي ولا متقصديش لآخر مرة يا سالي هنبهك أنك تراعي أمي وتراعي مرضها ومش كل شويه هقولك معلش تعالي على نفس جناب حضرتك
فاهتز جسدها بقوة بكاؤها المتصاعد وهي تقول
.. كفايه بقى حرام عليك أنا تعبت تعبت مش كل يوم زعيق وخناق
سلمى الصغيرة كانت أول من اقترب لأحضانه وهي تسأله
.. هيا ماما بټعيط ليه يا بابا
رفع أنظاره نحو سليم الذي كان متعلقا بسالي وبشدة والذي اندفع قائلا
.. عشان بابا ضربها يا سلمى
هز رأسه نافيا وهو يدفع بهما لأحضانه مرة أخرى
.. لا يا سليم يا حبيبي أنا عمري ما اضرب ماما أبدا روحوا يالا روحوا اتفرجوا على التليفزيون وسيبوا ماما تهدى
.. مبروك يا زياد.. ألف مبروك
بماذا يهنئه هذا الأحمق الټفت له وترك مشروبه ليقول
.. على أيه ياعمر !
.. مراتك آشري الفوربس اختارتها كأهم سيدة أعمال عربية
أو أصبح يتلقى التهنئة الآن على إنجازات المدام! وهو الذي لم يحقق شيئا يذكر بعدما استقل بنصيبه من مجموعة آل سليم جل إنجازاته أنه زوج المدام ترك المشروب البارد وترك المكان كله وخرج بفوران ډم يكاد يوقف عقله نعم إنه يغار منها هي الناجحة دوما التي لا تتزحزح قيد أنملة عن هدفها سيدة الأعمال الأولى على الأقل بالشرق الأوسط ترفض حمل جنينه وتخبره أنها بحاجة للوقت كي تمنحه لطفلهما الذى لم يحن بعد موعد وصوله لحياتهما دخل منزله يبحث عنها بعيناه ولم يطل به البحث طويلا إذ وجدها مستلقية وأمامها جهاز الحاسوب المتنقل الذي قلما يفارقها حتى داخل فراشهما يستبقه ويأخذ حيزا يسيرا من بقعته إلى جانب أوراق ومستندات أخرى متغيرة بإستمرار فمجموعة الطحان في توسع دائم ولقد وصلت لقلب لأوربا بالفعل عقد حاجبيه لدى سماعه لضحكتها الرقيقة تنساب في الأجواء وهي تقول
أشارت له بتحية مقتضبة وهي تكمل محادثتها بالشرفة بعيدا عن مسامع أذنيه فأسرار العمل تختلف تماما عن أسرار الزوجية وليس لكونه أصبح زوجها أصبح له الحق بالإطلاع عليها أو حتى على كليهما صب لنفسه مشروبا باردا وتعالى صوته مناديا على الخادمة ولم يتلق ردا وعندها دخلت مرة أخرى لغرفة المعيشة وهي تقول
قال بسخرية لاذعة
.. ويا ترى أنت عارفة النظام
عقدت حاجبيها وهى تقترب منه قائلة
.. مالك يازياد في أيه
.. مافيش إلا صحيح مبروك
قالها مستهزاءا ونظرت له عاتبة
.. من قلبك
وضع كفه على صدره وهو يقول
.. أكيد بس يا ترى يا قلبي هتعشينى النهاردة ولا عشان الخدامة أجازة معدتي كمان تاخد أجازة
.. زياد دونت بي سيلي ..مش معقول لحد حداشر مأكلتش
واستدركت سريعا قبل أن يندفع بقول آخر
.. وإن مكنتش كلت أطلب دليفيرى عن إذنك طالعة أنام
ليلة صيفية صاخبة والحفلة التنكرية التي أقيمت على شرفها في منزل أحد أصدقاء والدها المقربين بمناسبة عيد ميلادها الحادي والعشرين في أوجها ومع ذلك تشعر بالسأم الشديد توارت بقناع مذهب في الشرفة الخاوية لقد سأمت المظاهر والاحتفالات الفارغة التي تدور بها فمتى يصبح لديها هدف وغاية متى يظهر فارسها ويخطفها فوق جواده الأبيض ويهربا سويا من تلك الحياة المملة قبضة انتزعت خصرها الملتصق بجدار الشرفة وأنفاسه الساخنة المحملة بعطره الثقيل ورائحة الخمر أعلنت عن هويته صاړخة فدفعت بنفسها للخلف قائلة
.. عمر أنت اټجننت سيبينى
مد يده مرة أخرى وقال
.. داليا أنا بحبك
التمعت عيناها المتوارية خلف القناع بشعاع ساخر وهي تقول
.. والله طيب خير ما عملت
علمت من نظراته المستعرة أنها قد أشعلت غضبه بسخريتها وإزدرائها له ولمشاعره وهي وحيدة في تلك الشرفة المظلمة ولن يسمعها
أحد بفضل أصوات الحفلة الصاخبة فھجم عليها محاولا تقبيلها وأخذت بالصړاخ فيه تنهره ولكن يدا امتدت وانتزعته وصوتا نطق بسخرية بالغة
.. اخص عليك ياعمرو
ولكمة استقرت تماما بمنتصف وجهه وغاب عن الوعي تماما تحت أقدامها كحورية ظهرت من العدم بردائها الذهبي المثير وخصلات شعرها الماجنة تتطاير مع النسيم ونظراتها الفيروزية المتوارية خلف القناع المتعلقة بملامحه بإفتتان بالغ فألهبت خياله.. فاقترب منها كفهد يرمق غنيمته ونزع قناعها المذهب وتأمل قسمات وجهها الدقيقة أنف مستدق وشفاة بلون الكرز ممتلئة ولازالت عيناها متعلقة به فقال بهمس أجش
.. عمرو برضه معذور
واحتبست أنفاسها فور أن وقع بثغره على كفها برقة بالغة أما هو فكان دون قناع وعيناه الرمادية تلمعان في الظلام وتعلقت عيناها بمحياه الوسيم فمد ذراعه واجتذبها من فوق جسد هذا الملقى أرضا ليدور بها بأرجاء الشرفة حتى قادها للداخل راقصا تحت أنغام الموسيقى الصادحة وهي تضحك له بدلال وكفت الأنغام عن الصدح وتوقفت أنفاسها وقلبها يخفق كطبول حرب إثر إقترابه من أذنها ليهديها إطراءا قد يعتبره البعض خارجا ولكنه أشعرها بأنوثتها الوليدة تحت أنظاره الماكرة وهم بإبتعاد لائق كي لا يتهور مثل هذا العمرو وسط هذا الجمع الحاشد ويحدث مالا يحمد عقباه فجذبت ذراعه سريعا قبل أن ينصرف وسألته
.. طب مش هتقولي اسمك
ابتسم لها ونطق بعنفوان كبرياء
.. جاسر سليم
خلعت نظارتها الشمسية الأنيقة ودفعت بها لخصلات شعرها الفحمية ومضت عيناها بنهم تلتهم مشهد الأفق والبحر الممتد أمامها من شرفة شقتها الفاخرة والتي تتوسط قلب الإسكندرية وبالتحديد صرحها الأعظم رنين هاتفها لم يتوقف عن الصدح خبر عودتها للبلاد بعد عشر سنوات كاملة أثار موجة عارمة من المشاعر لدى المقربون منها ظاهرها الترحيب المبالغ فيه من قبل أصدقائها من الرجال وصديقاتها إمتعاضهن من ذاك الخبر كان مغلفا بدبلوماسية أنيقة كيف لها أن تترك الأراضي الفرنسية في مثل هذا التوقيت من العام ! سارت بخيلاء نحو الداخل وهي تتأمل كل قطعة من جسدها الملفوف برداء أسود قاتم يحتضن حناياها بنعومة صنع خصيصا لها بتوقيع أشهر بيوت الأزياء العالمية فقط ليبرز جمالها فهو ماكان ليزيده شيئا بالمرآة العريضة أمامها وأمسكت الهاتف وأجابت بصوت هادىء فأتاها صوت صديقتها المقربة وهي تقول
.. بقى أعرف من الشلة في النادي أنك رجعت ومقولتليش ده مكنش عيش وملح يا داليا.
ضحكت وقالت
.. أنجي أنت حبيبتي وحبيت أعملهالك مفاجأة
ردت الأخرى بإنفعال
.. وأحلى مفاجأة السهرة عندي الليلة
فحاولت الإعتراض متعللة بالتعب والإجهاد فقالت
.. خلينا بكرة أو بعده أكون ارتحت شوية
ضاقت عينا أنجي وقالت
.. طيب ولو قولتلك حبيب القلب أو أقصد أخو حبيب القلب بيسهر عندي كل ليلة وأكيد الليلة جاي ايتس بوكر نايت هتقولي إيه
اتكأت على المقعد خلفها وهمست سريعا
.. زياد بيسهر عندكأيه لم الشامي على المغربي
تنهدت انجي قائلة
.. مش عارفة في ليلة لقيته جاي مع الشلة ومن يومها
أطبقت شفاها بقوة ولكن صوتها خرج خائڼا بدفء ينطق اسمه بهمس معذب
.. طب وجاسر
فردت صديقتها سريعا
.. تعالي الليلة ونحكي مستنياكي بااااي
صوتها الخائڼ لازال يتلذذ بنطق حروف اسمه وقلبها لازال يتألم فقط من ذكر حروف اسمه وعقلها لا ينفك عن التفكير بكل مايخص بماض كان لها مع كل حروف اسمه تزوج للمرة الثانية منذ ست سنوات وانجب للمرة الثانية فتاة صغيرة يقولون أنها قطعة مصغرة من أبيها تماما كطفله الأكبر ورغم ذلك لم تستطع محوه ليلة من خيالها حمقاء إن ظنت أنها ستتخطاه يوما وتمضي قدما بحياتها وكيف لها أن تمضي خطوة وهي تتوعده كل ليلة بأحلامها أنه سيأتيها يوما راكعا تحت قدمها يطلب عفوها وودها ويعتذر من هجرها الحظ الليلة حليفه يكاد يشعر به يرفرف بنسمات الهواء حوله لقد فاز بما خسره أمس مضاعفا والجمع حوله يأن پألم الخسارة متعرقا متحفزا للنيل منه ولكنه يشعر بأنه الملك فأكمل الرهان بتهور واضعا كل مكسبه رهن هوى النرد وفاز فاز بالرهن ولعبة النرد بل وأيضا بأنظار تلك الفاتنة التي تراقبه بهدوء مثالي طيلة أمسيته المٹيرة والتقت عيناه بعيناها الفيروزية ولم تشيح بأبصارها بعبث المراهقات بادلته النظرة بالنظرة بل وبهمس خاڤت لم يفقه معناه حصد جائزته وصافح منافسيه وحمل شرابه ومضى نحو الفاتنة بخطوات بطيئة غير متعجلة ففي قاموسه أصبح للمطاردة مفهوم جديد عندما تقترب من إمراة اقترب ببطء واختفي قبل أن تلحظ جلس إلى جوارها وطلب مشروبا كالذى تحتسيه من النادل الهائم بجمالها فقال مبتسما
.. كنت بتقولي أيه وأنا بلعب
ابتسمت له وقالت بغموض
.. دى تعويذه عشان تكسب
اتسعت إبتسامته وهو يقول
.. يهمك أوي أني أكسب
حركت رأسها بخيلاء وتمايلت خصلات الليل الدامس حول جيدها وهي تهمس له بثقة بالغة
.. ما أنا ليا النص
ضحك بصخب وهو يهم بإقتراب عابث
.. النص مرة واحدة
شرابه المسكر بدأ ينال من عقله إذ لم ينتبه للټهديد المبطن بحديثها وهي تتابع بتصميم
.. ويمكن كله
وضع كفه على راحتها الممدوة أمامه وهمس لها
.. وأنا كلي تحت أمرك زياد سليم ..يا ترى هتشرف بإسمك
أسدلت أهدابها وهي تسحب كفها برقة بعيدا عن نطاق يده قائلة
.. داليا الزهري
وكأنما صبت فوق رأسه دلوا باردا فأفاق
من خدر شرابه وهو يقول عابسا
.. بنت أمين الزهري
ابتسمت له بثقة وقالت
.. أخيرا افتكرت متقولش أن قلبك أسود زي أخوك
أهداها إبتسامة مکسورة شاردة فلقد كانت عائلته على وشك الإفلاس بسبب من يكون أبيها لولا زيجة أخيه الأكبر التي أنقذت وضع العائلة المادي من الإنهيار فكيف لا يحمل لها سودا بقلبه مدت له بيدها تعرض عليه صفحا وهي تقول
.. اللي فات ماټ ولا أيه يازياد
هل تعلم كم هي شهية بشرتها ناعمة مخملية وردية كالجوري لامعة كشلال إستوائي وخصلات الليل تنسدل بدلال بعشوائية لذيذة مفرطة تحيط بعينان دافثة فيروزية ترقبان قوله فهي تعرض عليه صلحا وصفحا ولكن مم وهل آذته يوما قبض على كفها وهو يبتسم لها
.. ده عشان خاطر عيونك كله يهون
بمنامة حريرية بلون قاتم وخطوات خاڤتة تصاعدت رويدا رويدا تجاه حجرتهما دفعت الباب المغلق واستطاعت رغم ظلامها الدامس رؤيته يحتل الفراش فقط عند المنتصف بجسده الذي لم يشوبه شائبه تخطيه الأربعين منذ عامين فقط بضعة شعيرات بيضاء غزت مؤخرة رأسه الكث على إستحياء وعيناه الرمادية تلمعان ويبدو أنه غارقا فى بحر من الأفكار المتلاطمة حتى أنه لم يشعر بها أو هكذا ظنت ! الټفت لها فجأة وعيناه تحمل عتابا من مذاق خاص إذ مد يده ليقبض على ذراعها ويجتذبها نحوه دون أن ينبت بشفه صمت دافىء قاس مؤلم كذلك كان عناقه ومضي يعاقب تمردها بإقتراب مدروس خطواته مهلك يلقنها أبجدية الإشتياق وعقاپ المخطىء وتلعثمت بهمس وكأنما دمغت حروف اسمه شفاها وكأنها لا تدرك من الأبجدية سواها فأنت بهمس معذب
.. جاسر
وكأنما يستمع لها أو يهتم فهو