الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

انت في الصفحة 29 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز

بصوت هادئ لائم
.. كنت مستنياكي تيجي تسلمي عليا من أسبوع 
أخفضت سالي رأسها خجلا وقالت
.. خفت أزعجك 
هزت سوسن رأسها لتنكر
.. أنا بكون حاسة بيكي وضحك الولاد بيوصلني يبقا أزاي أحس بإزعاج!
تنحنحت سالي وهي تشعر بفقر كلماتها فقالت لتنسحب
.. طيب أنا هسيبك ترتاحي 
فاستوقفتها سوسن سريعا قائلة
.. سالي أنا ممكن أطلب منك طلب 
توقفت عن الحركة وقالت بسرعة
.. اتفضلي 
أشارت لها سوسن لتقترب منها ففعلت عندها أمسكت بكفها وقالت برجاء خالص
.. ممكن تبقي تحضري الغسل بتاعي وتصلي عليا وتدعيلي
تقافزت الدموع لعينا سالی وقالت بإنفعال
.. ليه بتقولي كده وبعدين أنت بقيت كويسة و . .
ربتت سوسن علی کفها لتهدىء من روعها قائلة
.. المۏت علينا حق وأنا هعيش أكتر من كده ليه!. . كفاية أرتاح بقي 
ثم أردفت برجاء
.. هتقدري تيجي الغسل ياسالي أنا مليش بنات والقرايب سبقوني واللي لسه هيحصلني مش هيقدر يقف على رجله 
هزت سالي رأسها وفقدت السيطرة على

دموعها بل وعلى ذراعيها وهمست لها سوسن قبل أن تنصرف
.. متشكرة 
وماذا عساها أن تقول في ذلك الموقف أنها تشكرها لأنها وافقت على حضور جنازتها ومراسم ډفنها فماذا عساه أن يكون الرد خرجت فاقدة النطق تقريبا ومشاعرها مضطربة وشعور بغيض بالذنب يرافقها تری كراهيتها لتلك المرأة نوعا من الجحود وقسۏة القلب الغير مبررة فكثير من البشر يعمدون لأذية من حولهم بغير قصد وداخلهم لا يعلمه سوى الله خرجت للحديقة لتراه يقف بإنتظارها وصغارهم يحتلون المقعد الخلفي فتح الباب المجاور له لتصعد فهزت رأسها خجلا وتواری جسدها بأحضان المقعد الوثير بوجل وشعرت بضيق السيارة رغم رحابتها عندما صعد هو الآخر واحتل المقعد المجاور لها تحرك بالسيارة وهو يأمر طفليه بإلتزام الهدوء ويرمقها بنظرة متساءلة
.. أتأخرتی فوق!
فردت بصوت أبح
.. کنت بسلم على والدتك 
هم بالرد ولكن سيارة زوجته الذهبية اللامعة اعترضت طريقهم فجأة فعاد للخلف بضعة أمتار ليسمح لها بالمرور وتعمدت الأخرى المرور ببطء بالغ وعيناها تطالع من في السيارة بفضول بارد وارتسمت معالم الضيق على سالي دون أن تشعر وأشاحت برأسها بعيدا عندما رأتها تبعث له بتحية وأنظارها تطالعها ببسمة ساخرة وبمكر بالغ فاستقبل تحيتها هو الآخر واجما ومضى بطريقه ثم حاول بعدها تخفيف الأجواء المشحونة فقال بلطف
.. عاملة إيه في الشغل 
فنظرت له متعجبة أيسعى لتبادل حوار حضاري بعد تلك اللفتة العاطفية بينه وبين زوجته الحديثة أتراه يظنه تعويضا عما تختبره من مشاعر غيرة بغيضة أم يظنه دلوا من الماء قد ينفع للتحكم بالحريق الذي يشتعل داخلها فردت مقتضبة
.. کویس 
منحها نظرة غاضبة فهي لاتشبع فضوله وكلماتها رغم بساطتها إلا أنها باتت تتحلى بالغموض بل هي كلها باتت غامضة وهو أصبح غريبا عنها لايدري ما يدور من وراءه فقال حانقا
.. أنا لحد النهاردة مفهمتش إزاي لقيت شغل بالسرعة دى ! 
ردت زاجرة أفكاره الملتوية بشأنها
.. قصدك أني كنت بدور على شغل من زمان من وراك صح 
هز رأسه نافيا وكلماته تتعارض مع ذاك النفي الكاذب
.. مقولتش کده . بس يعني في أقل من أسبوع استقريت على شغل مش غريبة شوية!
ابتسمت وهي تهديه ثقة هو بحاجة إليها
.. مش غريبة ولا حاجة ربك اللي بيفتح الأبواب مش كل حاجة بإيدين البشر
لعبة عاشق بقلم يسرا مسعد الجزء الثاني والاخير
ساد الصمت بينهما حتى وصلا للحي الذي تسكنه فأوقف السيارة واخرج من جيب سترته مبلغا ماليا ضخما ومد به إليها قائلا
.. ده عشان لو الولاد احتاجوا حاجة 
نظرت لأمواله حانقة وقالت بأنفاس متسارعة
.. هما طالعين بيت محسن الله يرحمه لو كنت نسيت وفر فلوسك یا جاسر 
فرد معنفا
.. أنا مقصدش أهين ذكرى والدك ولا البيت الطيب ياسالي ولكنهم ولادي ومسئولین مني طول ما أنا عايش 
فالتفتت له قائلة بعند أكبر
.. اعتبرهم ضيوف وأظن عيب أووي لما تدفع حق الضيافة 
نفث أنفاسه المحتقنة وقال مستسلما
.. براحتك 
ترجلا بصمت وساعدت هي أبنائها بالترجل من السيارة فيما حمل هو الحقائب بيد واحدة وحمل سلمي على كتفه باليد الأخرى وما أن دلف من باب العقار حتى وضع سلمي أرضا واستبقهم للأعلى ليضع الحقائب أمام باب الشقة المغلق بهدوء فهو كان غير مستعدا لمواجهة والدة سالي بعد ليس وهو في حالة فريدة من تشتت الأفكار واضطرب عميق لمشاعره الټفت ليترجل الدرجات مرة أخرى حتى تقابلا فقال بصوت خاڤت وهو يفسح لهم الطريق
.. تحبي أعدي عليهم أمتي 
فقالت بهدوء
.. مافيش داعي أنا هروحهم بعد التمرين يوم السبت 
هز رأسه وقال
.. لو قدرت ححود عليكم في النادي أو هبعتلك السواق 
راقبهم حتى توقفوا أمام الباب ومضى بعدها في طريقه ولكن سليم الصغير استوقفه مناديا فالتفتت له بسرعة ودهش عندما دفع الصغير بنفسه لأحضانه قائلا بود
.. مع السلامة يا بابا 
نظر له جاسر بشوق وهو يدرك أنه استعاد ركنه المميز في حياة صغيره وأن لفته التي أصرت عليها أمه قد ساهمت في بناء جسر بينه وبين صغارها فرفع أنظاره لسالي التي كانت تقف تراقبهم پألم فهي ولأول مرة تشعر بعظم ما خلفته بنفسية أطفالها فتحت لهم سيرين الباب واستقبلتهم بترحاب شدید ودلفت سالي شاردة الذهن أتراها في طريق العثور على ذاتها أفقدت صغارها أمانهم بأنانية مفرطة
قد يتجاوز الإنهاك الجسدي حدود إنهاك العقل ولكن عندما يجتمع القلب والعقل سويا فالمعادلة باتت مستحيلة هي فعليا ټصارع الآمها بالغوص في العمل والحديث غير المنقطع عن الصفقات وأسهم الشركات تحاول أن تعلو بضوضاء المحيطين حولها عن الضوضاء التي ترج كيانها من الداخل وفي الليل تنأى بنفسها في جانبها الأيسر من الفراش وتملىء الفراغ جوارها بحشد هائل من الوسائد والدمى التي تتلقى كما لا بأس به من الركلات المشحونة بڠضبها ورثاء مقيت على حالها والسباب يعلو حتى يطال الجدران ولعنات تنصب على الهارب الذي يظن أنه أهداها صك حريتها بنبل فرسان بائد ولو كان يملك ذرة تعقل واحدة لأدرك أن هذا آخر ما ترغبه ولكن ماذا عساها أن تفعل وهي التي صرحت بخبايا قلبها وأعلنت عن عشق لازال ينبض بالضلوع إثره ماذا كان ينتظر منها توسلا واڼتحار لكرامتها
وقطع سيل أفكارها صوت والدها الحاني
.. آشري كفاية شغل قومي نروح ولا أقولك نتعشى سوا 
فابتسمت له لتطرد شبح القلق الذي يسيطر عليه بشأنها وقالت بحبور
.. ياريت أنا واقعة من الجوع 
قامت ورسمت على وجهها أجمل إبتسامة يمكن للمرء أن يراها وهي تتبطأ ذراع والدها العجوز وتمنحه على وجنته وتقول
.. أنا عزماك من كام يوم سمعتهم في النادي بيحكوا عن مطعم خطېر . 
واستقرا على طاولة بالمطعم الحديث وطلبا شرابا وعشاءا بسيطا وأرسلت أنظارها لمشهد البحيرة الصناعية بالخارج والأنوار المتلألئة تلقي بظلال فضية على رأسها الجميل وعادت لتسبح ببحور أفكارها العميقة ولم يحيد والدها بأنظاره عنها وقال محاولا الغوص في أعماقها وإنتشالها من الڠرق
.. أنت بتهربي بالشغل یا آشري وده غلط 
التفتت له آشري وأقرت
.. ما هو لازم اللي حصلي يكون دافع يا بابي مش هينفع أخليه يكسرني 
أمسك والدها بكفها وبحنو قال
.. أدي لنفسك فرصة تستوعبي اللي حصل مترميش نفسك في الڼار عشان تنسي 
هزت رأسها نافية وهي تركز أنظارها عليه
.. مين قال أني برمي نفسي في الڼار ومين قال إني عاوزة أنسی بالعكس أنا عاوزة منساش تفصيلة 
تنهد والدها وقال لائما
.. الاڼتقام مش هیفید یا آشري 
ضحكت لغرابة تفكير والدها وقالت متعجبة
.. داد اڼتقام! ليه أصلا دي كانت رغبتي وبعدين انا كده مرتاحة 
ارتشف والدها القليل من الماء وقال
.. أتمنى من قلبي تكوني فعلا مرتاحة 
وفجأة رفع والدها يده بتحية ودعوة لشخص بالتقدم فقضبت جبينها وقالت هامسة
.. مين
ولم يسعه التقديم فقد قال الضيف بصوته المميز لها حتى دون أن تستدير
.. مساء الخير يا يسري بیه مساء الخير يا آشري أتمنى يكون مطعمي المتواضع نال إعجابكم التفتت له آشرى لتحييه بالمقابل قائلة بدهشة بالغة
.. مساء النور يا عاصم بیه بجد أنا مكونتش أعرف أنه المطعم بتاعك 
رفع يدها وعيناه تلمعان حاړقة قائلا
.. المطعم وصاحبه تحت يا آشري 
جذبت يدها وهمست بإضطراب
.. ميرسي 
جذب مقعدا وجلس لجوار والدها محاولا

جذب أطراف الحديث معه فقلب الفتاة دوما يبدأ من حيث أبيها 
عاد للقصر بمزاج معتدل وما أن دلف من خلال الباب المعدني الضخم حتى انقبضت أساريره فهو تذكر للتو بالمواجهة القريبة التي حتما سيلاقيها فارتسمت على وجهه تلك المعالم الغامضة التي تجعل من يقابلها يشعر وكأنه ارتكب حماقة رغم أنه لم يخطىء بشيء ولكنها استقبلته بترحاب شديد حتى أنها ألقت بنفسها بين ذراعيه قائلة
.. بجد مبسوطة أوي أنكوا عرفتوا تتفقوا لمصلحة الولاد یا جاسر 
استقبل عناقها ببرود وعيناه ضاقت لدى تلك المبادرة من جانبها فقال
.. وأنت إيش عرفك اللي اتفقنا عليه 
هزت رأسها ومنحته قبلة على وجنته وقالت
.. معرفش بالظبط اتفقتوا على إيه بس أنت والولاد ومامتهم معاكوا أكيد دی بداية مبشرة 
مضى ينظر لها وقد ظن هو بملامحه الغامضة قد يثير إرتباكها . لشدة سذاجته ! فقال بصوت مرهق
.. خلي نعمات تحضر الغدا عبال ما أغير هدومي 
رسمت في الحال ملامح طفلة مستنكرة واقتربت منه تربت على صدره بدلال
.. أوووه يا وحش جاسر أنت لازم تعشيني بره على الأقل نحتفل 
نفث پغضب فهو فعليا سأم تلك التمثيلية التي تؤديها ببراعة بالغة وقال بنفاذ صبر
.. نحتفل بإيه أنا مش عارف
فابتسمت بمكر وقالت بهدوء
.. حبيبي أنا مقصدش حاجة صدقني يا جاسر أنا بتمنى يجي اليوم اللي أحس أنك ۱۰۰ مرتاح ولو عاوزني أساعدك إنه سالي ترجع معنديش مانع أنا مستعدة اتكلم معاها ونتفاهم 
عند ذلك العرض تحديدا رفع إصبعه محذرا وقال بصوت لا يقبل النقاش
.. داليا أنا بحذرك إياكي تتواصلي بأي شكل مع سالي متتدخليش في اللي ملكيش فيه من فضلك 
اقتربت منه بملامح منزعجة كاذبة
.. بيبي أنت فهمت إيه أنا . . 
قاطعها محذرا
.. أنا اللي عندي قولته وأظنك فهمتیه کویس 
راقبته وهو يصعد لغرفتهما وعلى وجهها ارتسمت ابتسامة بطيئة المنحنيات والثقة تلمع بعيناها بحسن تصرفها فعلى مدار ساعة فائته قضتها غاضبة حانقة تخطط للخطوة التالية بكيفية الرد والاعتراض والرفض وجدت في اللحظة الأخيرة أن مد أيادي العطف والخير نحوه ونحو السابقة سيدر عليها ربحا أكيدا في حين أنها لو عمدت للاعتراض أو الزجر فالهجر سيكون من نصيبها وعندها ستنصاع مرغمة لما سوف يمليه عليها . أما الآن فهي تمسك بالخيوط مجتمعة في قبضتها وأحكمت الوثاق حوله 
دخل الغرفة فجأة وهو يقول لاثما
.. إيه يا ابني ب . . . . 
وتوقف في منتصف الغرفة الخاوية ينظر حوله ببلاهة ونادي على الخادمة وهو يتساءل
.. زیاد راح فين 
هزت الخادمة رأسها نافية
.. معرفش يا بيه جه الضهر لم حاجته ومشي من
28  29  30 

انت في الصفحة 29 من 57 صفحات