الأربعاء 27 نوفمبر 2024

لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

انت في الصفحة 40 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز

غير مزایدات كلهم ولادي وحبي ليهم مبيتجزأش مش عاوز اسمع الكلام السخيف ده تاني 
اقتربت منه سريعا وريتت على وجنته وقالت لتدر عطفه وشفقته
.. یعني هتيجي معايا النهاردة محتجالك أووي جاسر دي أول مرة أكون أم أنا 
فقاطعها مرة أخرى بنفاذ صبر
.. خلاص يا داليا الساعة كام معاد الدكتور 
ابتسمت له إبتسامتها الساحرة وهي تطبع على وجنته قبلة خفيفة
.. يعني عدي عليا الساعة تلاتة كده 
ابتعد عنها وهو يهز رأسه
.. تمام تلاتة بالدقيقة تكوني جاهزة ومستنياني تحت 
كانت بطريقها نحو المصعد لتتجه للدور الرابع حيث مكتبها ولكن شيئا ما حث قدماها على التوقف ولا تدري أهو نداء قلبه أم قلبها الذي جعلها تستدير تلقائيا للخلف لتراه يقف على بعد أمتار قليلة بذلة غير رسمية وقد نبتت لحيته ومنحته مظهرا ناضجا فاقترب منها بنظرت عيناه الثاقبة وخطواته الواثقة قائلا
.. إزيك يا آشري!
استجمعت دقات قلبها الخافقة بسرعة وردت
.. الحمد لله إزيك أنت یازیاد 
صمت لوهلة وقال
.. أنا الحمد لله أحسن 
وساد الصمت بينهما لفترة أطول لكأنما فقد الإثنان النطق وكلاهما يخوض صراعا مابين تحذيرات العقل واشتیاق القلب حتى أمسك هو بزمام المبادرة وقال بصوت هادیء
.. أنا كنت جاي أعزمك على حفل افتتاح الكافية بتاعي 
ارتفع حاجبيها دهشة وقالت
.. فتحت كافية ! 
ابتسم بود قائلا
.. في الواقع هيا سلسلة فرع في القاهرة واسکندرية وحاليا بنجهز أنا وشريكي لفرع في شرم 
هزت رأسها وقالت بفرح صادق
.. مبرووك یا زیاد 
استطرد سریعا برجاء
.. النهاردة الساعة سبعة 
ورغما عنها انسابت الكلمات منها مؤكدة
.. أول

ما أخلص شغلي أكيد هاجي 
ولم يكن بينهما وداع إذ قفزت قدميها بهروب نحو المصعد وهي تلوم نفسها على موافقتها السريعة بينما وقف هو يراقب انصرافها بدقات قلب مضطربة دقات الساعة نبهته بالإضافة لإتصالها الملح فوضع القلم جانبا ورتب أوراقه وجمعها ورد على إتصالها الملح للمرة الثالثة على التوالي قائلا بتبرم
.. الساعة لسه اتنين یا داليا 
قالت بدلالها المصطنع
.. ما أنا بس بتأكد إنك مش ناسي 
قال بحزم ليقطع الإتصال بعدها
.. تلاته یا داليا هكون عندك 
وكعادته لا يخلف موعدا قط حتى لو كان يشعر بثقل يخدر أوصاله جنينا ينمو بأحشاء إمرأة لم يخطط لأن يكون إرتباطه بها أمرا واقعا ومتجسدا لتلك الدرجة خاصة وعقله بل وقلبه مازال معلقا بأخرى نظر في ساعته الثمينة وارتقب بعدها خطواتها المتسارعة نحو سيارته وما أن قفزت بداخلها حتى قالت بعتاب
.. طيب مش كنت تدخل تستناني جوه ! 
فقال متهكما وهو يقلع بالسيارة
.. هتفرق إيه وبعدين أنا قلتلك تلاتة بالدقيقة 
نظرت له بطرف عيناها مستنكرة
.. ياسلااام ولو كنت أتأخرت يا جاسر 
قال حازما
.. كنت هرجع شغلي يا داليا 
عبست وظلت واجمة لفترة حتى قالت
.. جاسر أنت بجد حاسس بأبوتك للطفل ده 
تأفف بصوت مرتفع قائلا
.. داليا الأوهام اللي في دماغك دي أنا مش مسئول عنها ودلوقت بقى العنوان فين ولا هنفضل ماشيين تايهين کده کتیر 
قالت بصوت مستكين
.. خليك ماشي على طول بعد الإشارة على شمالك ادخل 
فعل مثلما أرشدته حتى وصلا للإشارة المرورية وتوقف السير بأمر من الضوء الأحمر الذي قد يطول لدقائق عدة فهم بالحديث معها مجددا ليمحو أثار شكوكها المٹيرة للشفقة بداخلها ولكنه لم يسعه سوى التحديق بقوة للمشهد المتجسد أمامه لزوجته السابقة تقف بصحبه أحدهم يتضاحكان سويا وبالقرب منهما إشارة إعلانية لمركز علاج أسنان شهير فما كان منه سوى أن يترجل من سيارته بخطوات مسرعة غير عابیء للمارة ولا للسيارات التي بدأت في إصدار أصوات معترضة بأبواقها إذ توقف ذلك المچنون فجأة عن الحركة والشارة الضوئية أضحت خضراء ولا لصوت داليا الذي ارتفع هاتفا بإسمه مستنكرا فجل ما كان يتملك عقله في تلك اللحظة لم يكن سوی شیطان أسود وخلفه قلب يضج بلهيب عڈابه وتملكت أنامله رقبة ذلك الفارع عبر ياقة قميصه حتى كاد ېخنقه وتعالت صړخة سالي فزعة قائلة
.. جاسر . . أنت اټجننت أنت بتعمل إيه!
فدفعه ذلك الفارع ونهره
.. فيه إيه يا جدع أنت!
أيسأله مالخطب يقف على قارعة الطريق يتضاحك معها تحت أنظار المارة بل وتحت أنظاره ويسأله ما الخطب! فما كان منه إلا أن لكمه بقبضته القوية فأصاب جانب وجهه الأيسر پعنف حتى كاد خصمه أن يسقط مترنحا لولا قوة جسده زاعقا به
.. دلوقت أنا هعرفك في إيه 
صړخت سالي بقوة
.. جاسر ! 
الټفت لها ولم ينتبه لذلك الذي استعاد توازنه بسرعة مذهلة وعالجه بقبضته القوية التي أسقطته أرضا فصړخت سالي مرة أخرى ولكن تلك المرة بإسم غريمه
.. کریم أستنی 
قام ليمسك بتلابيب ذلك الكريم ليريه وضاعة مكانته بالمقارنة به وانخرط الإثنان بعراك دام تدخل المارة لفضه وبالفعل نجح أحد الرجال بعد معاناة لمنع الإثنان من الإقتتال مجددا ودفعت سالي بنفسها نحو سيارة كريم وتولت هي مهمة القيادة بصحبة كريم الذي أصاب وجهه تشوها كبيرا لا يقل عن التشوه الذي الاقاه الآخر على يديه والذي مضى يراقب انصرافهما بأعين مستعرة ثم الټفت لينتبه أن أصوات الأبواق قد خفتت وأن سيارته توقفت على الجانب وداخلها داليا التي تولت مقعد القيادة وتحرك بخطوات مسرعة نحوها وما أن اقترب وهم بفتح الباب حتى نظرت له غاضبة وقادت السيارة مبتعدة عنه تاركة إياه يحدق بها بذهول حانق مرت الدقائق بصمتها الثقيل حتى قطعته هي بهمسها الرقيق
.. کریم أنا آسفة 
نظر لها قائلا بإبتسامة حانية
.. بتعتذري على إيه 
تنهدت بحيرة
.. أنا مش عارفة بجد إيه اللي حصل جاسر 
وصمتت لم تدر بأی حروف تكمل ولا كلمات تتابع حديثها فما فعله بعيدا كل البعد عن إتزانه ورصانة تصرفاته بل وغروره البارد أحيانا فاستبدل کریم حيرتها بعبارة تشجيعية
.. سواقتك اتحسنت عن الأول كتير 
ضحكت ساخرة بمرارة من نفسها
.. على الرغم إني مش مركزة بالمرة 
نظر لها مليا ثم قال بدفء
.. أنا معاكي ومركز
تأوه رغما عنه عندما عمد لتغيير وضعية جلوسه فالتفتت له بسرعة وقالت بقلق
.. نروح عيادة نكشف 
طمئنها بسرعة
.. أنا كويس متقلقيش بس مش هينفع نطلع نقابل حد وأنا مبهدل كدة عندك مانع نأجل معادنا 
قالت سریعا بإرتياح جم
.. أنا كنت هطلب منك كده فعلا 
أشار لها لتتوقف
.. وقفي هنا بقى نشرب حاجة من عند الراجل بتاع العصير ده وأكيد هيعجبك 
فعلت مثلما امرها وهمت بالترجل فاستوقفها قائلا بضيق
.. استني رايحة فين أنا هنزل . . هاه هتشربي إيه 
تنهدت وقالت بإستسلام
..

اللي هتشرب منه عاد بكوبان من عصير الرمان الطازج 
ليجدها قد اتخذت مقعده ليتولى هو مهمة القيادة فقال مازحا
.. خلاص يعني عشان ماسواقتك اتحسنت هتبخلي علينا 
ابتسمت منه وهي تتناول كوبها اللذيذ قائلة
أبدا والله بس قلت كده أريحلك وبعدين أنا هنزل هنا أركب حاجة وأروح 
قال متوجسا
.. هتروحي للولاد 
طرقت رأسها بضيق وقالت رغم استشعارها الحنين لأطفالها
.. أفضل استنى لبكرة مش عاوزة أحتك بيه وهوا في الحالة دي 
ارتشف القليل من کوبه ثم قال فجأة
.. غیران 
التفتت له سالي بنظرات متسائلة فأردف
.. أكيد غيران مالهاش تفسير غير كده 
ابتسمت سالي بسخرية وقالت نافية
.. لاء مش غيرة هوا بس لسه بيتعامل معايا كجزء من ممتلكاته وقال إيه صابر عليا 
تمتم کریم بتعجب
.. صابر ! 
زمت سالي شفتيها بقنوط وقالت لتوضح
.. أرجع 
اقتحم رأسها الذي غاب في حديث الأمس المزعج قائلا
.. وهترجعي يا سالي!
همست نافية بسرعة
.. مستحيل مضت ساعة كاملة قضى نصفها في محاولة الحصول على وسيلة مواصلات مريحة ليصل لقصره واستقبله الصغار بنظرات حذرة فهو كان يبدو على شفا بركان أوشك على الإڼفجار صړخ للمرة الثالثة بنعمات التي كانت تعد للصغار مشروبا منعشا
.. الساعة كام يا نعمات
أخذت نعمات نفسا عميقا وقررت القيام بمواجهة قد تكلفها عملها ولكنها ما عادت تبالي فهي أصبحت تشعر بالفعل وكأنها خادمة بإمتياز رحيل صاحبة القصر وغياب الزوجة المطيعة لتحل محلها أخرى ماكرة
.. من نص ساعة سألت حضرتك وكانت يا دوب خمسة 
نظر لها متمعنا وتعالت إشارات الحنق مختلطا بالأسف على وجهه فالمرأة تخطت الستون من عمرها وهي ليست بخصم مکافیء لنوبة غضبه المتحكمة به فتمتم
متشکر یا نعمات ياريت تحضرلي الغدا 
هزت رأسها وترددت لبرهة قبل ان تنصرف فاستوقفها قائلا
.. فيه حاجة يا نعمات 
ولم تدر بانها أطلقت الشياطين من معقلها بسؤالها
.. هي الست سالي مش جاية النهاردة الولاد بيسألو عليها!
فزعق بها
.. وأنا أعرف منين!
فانصرفت نعمات بخطوات مسرعة هاربة منه وظل هو يدور بالغرفة كأسد حبيس ويتمتم لنفسه بغيظ تملکه
.. يظهر أنك مبقتش عارف حاجة يا جاسر 
خطوة مچنونة أخرى يخطوها دون تفكيير أو حتى إمعان فيما قد يليها فبعد أن هاتفته بالأمس بعد منتصف الليل تدعوه لرحلة سفاري بصحراء سيوة قبل دعوتها في الحال ثم أعد حقيبة سفر خفيفة ودلف لفراشه وهاهو بمغيب الشمس يقف على أرض سيوة الشاسعة هدوء لوثه الجمع من حوله ولكنه لازال محتفظا بهيبته داخله نظر لها وهي تتجه نحوه بخيلاء قائلة
.. هاه جاهز!
تناول منها كوب الشاي الذي صنعته إحدى البدويات قائلا بتلذذ
.. كده بقيت جاهز صعد فوق الدراجة الضخمة وصعدت خلفه بعد أن انتهيا من شرابهما الساخن وانطلقت شارة البدء من قائد المجموعة وانطلقت الدرجات في سباق سريع وتعالت الصرخات المشجعة من خلفه ومضى هو بسرعته الفائقة يناور هذا وذاك مثيرا عاصفة ترابية لاحدود لها حتى صړخت هي بحماس فأفزعته وتوقف فجأة فكادت أن تنقلب الدراجة الضخمة بهما وتطلبت منه جهدا فائقا للسيطرة عليها مرة أخرى حتى توقف عن الحركة تماما والټفت صارخا بها
.. أنت مچنونة!
وأتبعه بسؤال مضاد لحالته الحانقة يشوبه نغمة إعتذار
.. أنت كويسة يا نرمين 
وكانت إجابتها نظرة دهشة ترافق توضيحا كان لا يجب أن يخطئه بالأساس
.. أنا اسمي ريم على فكرة 
دعك وجهه بتعب وترجل الدراجة وسار بضعة خطوات هاربا من تساؤلات قد تطيح بما تبقى له من هدوء أعصاب وتركته هي لعزلته لوقت طويل حتى سار مجددا نحوها قائلا فجأة
.. نرمين تبقى مراتي الله يرحمها ماټت هيا وبنتي في حاډثة عربية كنت أنا اللي سايق نمت مش فاكر أد أيه مجرد دقایق أو ثواني صحيت على صړختها وضوء جامد عماني وبعدين.
خشيت أن تتكلم فقد كان يبدو أنه غارق بالعالم الآخر بعالم موازي يتجسد له فيه آخر ذكرياته مع الذين فقدوا مستعيدا اللحظات التي عاشها بقسۏتها ومرارة ما خلفته ورائها حتى همس
.. فقت في المستشفى مالقتهومش جمبي كانوا خلاص. وأنا المسئول وأنا اللي عيشت 
مضت لحظات الصمت ثقيلة لحظات مهيبة كأنما كانوا بالفعل في حضرة أرواح سكنت الثرى وهمست بدورها
.. بتوحشك!
اختنق بعبراته
.. في كل لحظة كل ما أدخل البيت واتخيل أنها هتطلع جري من أوضتها تنط عليا وتسألني بابا جيبتلي إيه 
فهزت رأسها باسمة بمرارة قائلة
.. كنت بسألك على نرمين طبیعي تفتقد بنتك 
نظر لها
39  40  41 

انت في الصفحة 40 من 57 صفحات