الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

فاذا هوى القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 31 من 77 صفحات

موقع أيام نيوز


لكنها مضطرة لهذا لغرض في نفسها
ربتت جليلة على ظهرها وهي تتابع بحماس
تعالي يا بنتي أوضة المذاكرة من هناك هما غاوين يذاكروا في السفرة على التربيذة واحنا بنسيبهالهم 
ردت عليها بسمة بجدية
اوكي بس أنا هادي كل واحد لوحده المنهج مختلف عن بعض
اتسعت ابتسامة جليلة ورحبت بالأمر قائلة
أه وماله الصح اعمليه وأنا معاكي فيه

تساءلت بسمة باهتمام
شكرا بس السفرة مقفولة ولا لأ
أجابتها جليلة بنبرة عادية وهي تشير بذراعها
هو محدش بيقعد فيها إلا ساعة الغدا ولو في ضيوف ممكن تقعدي في أوضة من أوض العيال 
طيب 
وفجأة صاحت جليلة عاليا وهي محدقة أمامها
بت يا أروى تعالي الأبلة بتاعتك جت ونادي يحيى خليه يجي يسلم عليها
ثم التفتت برأسها نحو بسمة التي كانت مصډومة من تصرفاتها وتابعت قائلة بأريحية
إن شاء الله هاتتبسطي معانا ده زي بيتك
مطت بسمة فمها لترد باقتضاب
إن شاء الله 
سألتها جليلة وهي تبتسم لها ابتسامة عريضة
ها تحبي تشربي ايه ولا أقولك نجيب أكل الأول
هزت بسمة كلا من يدها ورأسها نافية وهي تهتف معترضة بشدة على ما قالته
لالالا أنا جاية أشتغل وبس مش عاوزة حاجة
استغربت جليلة من ردة فعلها المبالغة قائلة بعتاب خفيف
عيب عليكي ده احنا بيت كرم ولا عاوزاني أزعل
ردت عليها بسمة بإصرار
لأ شكرا أنا واكلة وشاربة كويس
يئست جليلة من إقناعها بتناول الطعام قبل الشروع في درسها وهتفت متسائلة بحذر
طيب أعملك شوية شاي حلوين ها ايه رأيك
ردت عليها على مضض مستسلمة لعروضها الملحة
ماشي
حافظت جليلة على ابتسامتها المرحبة وتابعت مشجعة إياها على التحرك
طيب يا حبيبتي اتفضلي اتفضلي 
لم تتمكن بسمة من رؤية دياب رغم محاولتها اختلاس النظرات فظنت أنه ربما يكون غير متواجد بالمنزل
نفضت مؤقتا فكرة البحث عنه واتجهت نحو غرفة الطعام لتبدأ مهمتها في الاستذكار مع أبناء عائلة حرب
وبخ الحاج مهدي ابنه مازن بشدة لخروجه عن المألوف والمتبع وزواجه بطليقة دياب سرا وظل يكيل له بالكلمات اللاذعة والإهانات الموجعة
اغتاظ مازن من تحامل والده عليه وهتف محتجا وقد اكفهرت قسماته
جرى ايه يا حاج مهدي هو أنا أذنبت يعني انا راجل وقادر أتجوز
صاح به مهدي پغضب
ايوه بس في النور مش من ورانا كلنا 
رد عليه غير مكترث
اللي حصل
بقى
استشاط مهدي ڠضبا من برود ابنه المستفز وعدم اهتمامه بتبعات أفعاله التي دوما تزج به في المصائب
هدر به بصوت محتقن
تصدق انت معندكش ډم
رد عليه مازن بنبرة جامدة
انت مكبر الموضوع ليه يا حاج عادي يعني واحدة زي أي واحدة
اڼفجر فيه مهدي بصوت جهوري متشنج
لأ مش زيهم ده كفاية أمها الفقر
نفخ مازن مرددا بنفاذ صبر وهو يشيح بذراعه في الهواء
يووه
أضاف والده قائلا بصرامة
لازم تتصرف وتصلح الموضوع ده على طول ومن غير فضايح 
ضيق مازن نظراته نحوه ورد عليه بفتور
مش فاهم يعني
أوضح له مقصده بجدية
هاتجوزها رسمي ومافيش حد هايخد خبر بده
تقوس فم مازن بسخرية قائلا بعدم مبالاة
قصدك المحروس دياب 
رد عليه مهدي بصوت متصلب وقد اشتعلت نظراته
أه هو أنا مش عاوز عداوة معاه ولا مع عيلته أنا مصدقت إننا خدنا هدنة واتصالحنا 
انزعج مازن من أسلوب والده المكبر للأمور فأردف قائلا ببرود متعمدا الإساءة إليهم
يا حاج انت عاملهم قيمة وهما مايجوش جزم في رجلنا
لكزه أباه في كتفه بقسۏة محذرا
خليك إنت كده بتفكر بمخك التخين ده لحد ما تخرب يا أهبل بص لقدام مصالحنا كلها معاهم
رد عليه غير مكترث وقد حل الوجوم عليه
بناقص منها إن كانت من وشهم
ثم تابع قائلا بشراسة
ده بدل ما ناخد بتار مجد أخويا المحبوس ده
رد عليه والده بضيق
بكرة اخوك يخرج من حپسه فمش لازم تحصله إنت كمان
صمت مازن وظل محدقا أمامه في الفراغ بنظرات غامضة يفكر في شيء ما
راقبه والده عن كثب ثم دار حوله ليقف قبالته وسأله بجدية
ها هاتعمل ايه
رد بامتعاض
هاشوف 
صاح به أباه بجدية وهو يشير بسبابته محذرا إياه من التهاون في المسألة
انجز في الليلة دي مش عاوز رطرطة كلام فيها سامعني
ضغط مازن على شفتيه قائلا على مضض
طيب
حمدت أسيف الله في نفسها أن المسافة من الفندق للمنطقة الشعبية لم تكن بعيدة وبالتالي لم تحتاج كلتاهما لإستئجار سيارة خاصة
لتوصلهما إليها
استمرت هي في دفع مقعد والدتها عبر الطرقات الجانبية حتى وصلت إلى المكان المنشود
ومع أول خطوات وطأتها بداخله تسارعت دقات قلبها وزادت الحماسة بداخلها
حاولت قدر المستطاع أن تختطف نظرات شمولية عن المكان من حولها لتحفرها في ذاكرتها فربما لن تتكرر الزيارة مرة أخرى
زادت حماستها وتشجعت لسؤال والدتها بتلهف
هو ده المكان صح يا ماما
على عكسها تماما كانت حنان تعيش في أجواء قلقة ممزوجة بالتوتر
خفق قلبها برهبة وهي تجوب بأنظارها المكان لترى انعكاس الماضي على جدران تلك البنايات القديمة واضطربت أنفاسها بدرجة ملحوظة مقاومة تدفق سيل الذكريات القاسېة
نعم فقد عانت الأمرين مع زوجها في صراعهما ضد زوجة الحاج خورشيد تلك السيدة التي كانت تعتبر التجسيد الحقيقي لمصطلح جبروت امرأة 
أعادت أسيف تكرار سؤالها حينما تجاهلت أمها الرد عليها قائلة
سمعاني يا ماما ده المكان اللي عايشة فيه عمتي
أجابتها حنان بحذر وهي تبتلع ريقها
ايوه
ابتسمت عفويا واستمتعت باهتمام بالأجواء من حولها
تساءلت مجددا وهي تسلط أنظارها على المحال الشعبية المتجاورة
أومال هي ساكنة فين
احتارت حنان في تحديد البناية التي كانت تقطن بها عزيزة زوجة الحاج خورشيد فقد مر زمن منذ أن حضرت إلى هنا
بدت جميع البنايات متشابهة بدرجة كبيرة فزادت حيرتها أكثر وتخبطت أفكارها
هزت كتفيها قائلة باستياء بعد أن عجزت عن تحديد وجهتها
مش فاكرة يا بنتي 
تفهمت أسيف صعوبة الأمر على والدتها وأردفت قائلة برقة
مش مشكلة يا ماما اللي يسأل مايتوهش هي اسمها عواطف خورشيد أكيد في حد هايعرفها هنا صح 
ردت عليها حنان بفتور
جايز
وقعت عيناي أسيف على محل الجزارة فظنت أنه ربما يتمكن من
مساعدتهما في الوصول إليها فعلى الأغلب هو يعرف معظم القاطنين بالمكان بسبب تعاملهم معه وشراءهم للحم من عنده
أشارت بعينيها نحوه بعد أن مالت على والدتها مرددة بجدية
أنا هاروح أسأل الجزار اللي هناك ده ممكن يكون عارف بيتها 
هتفت حنان قائلة بتأكيد
احتمال كبير
أكملت أسيف دفعها لمقعد والدتها المتحرك حتى وقفت بها عند الرصيف ثم تركتها واتجهت نحو ذلك الرجل الجالس أمام محله
انتبه لها الجزار
تابع تأمله لها وهو يرد بصوت متحشرج
خير يا أبلة
ضغطت على شفتيها لتقول بارتباك قليل وبأدب واضح
حضرتك متعرفش بيت الست عواطف خورشيد
تجهمت تعابير وجهه بدرجة ملحوظة وأخفض أرجيلته للأسفل ليسندها إلى جواره
ثم نفخ بضجر وبدا النفور واضحا على نظراته وفي نبرته وهو يجيبها بخشونة
أعوذو بالله من العيلة الفقر دي  
انزعجت من أسلوبه الفظ والوقح في الإساءة إلى عمتها وعفويا كورت قبضة يدها وهي تهتف بامتعاض
أنا بسألك عن بيت عمتي عارف ولا لأ
رد عليها بتهكم أثار سخطها للغاية
هي عمتك اتلم المتعوس على خايب الرجا
هي لم ترغب في إثارة القلق خاصة في وجود والدتها حتى لا تفسد الزيارة وتلتغى قبل أن تبدأ
عمدت إلى الحفاظ على هدوء أعصابها وهي تعيد سؤاله بقوة زائفة
عارف بيتها ولا لأ
أجابها بتأفف وهو يشير بإصبعيه نحو بناية ما
البيت الكحيان اللي هناك ده هتلاقيهم ساكنين فيه
التفتت أسيف إلى حيث أشار فتجمدت نظراتها على تلك البناية القديمة للحظات
خفق قلبها بتوتر رهيب وإنتابتها أحاسيس كثيرة
 

30  31  32 

انت في الصفحة 31 من 77 صفحات