الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

فاذا هوى القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 33 من 77 صفحات

موقع أيام نيوز


وتسد المدخل فتساءلت بإستغراب
هو الناس ملمومة هناك كده ليه
ردت عليها نيرمين بحيرة وهي تهدهد
صغيرتها
مش عارفة
ركض أحدهم في اتجاههما فسألته عواطف بسجية
في ايه اللي بيحصل
أجابها الرجل بصوت لاهث وقلق
ارتعد قلب نيرمين وشهقت مصډومة
يا ساتر يا رب
بينما غمغمت عواطف بفزع وقد اضطربت نبضات قلبها
ألطف بينا يا كريم
وقف منذر على عتبة باب وكالته يوقع على أحد أوراق توصيل إحدى الطلبيات العاجلة لأحد العملاء ثم أعطى الإيصال إلى عامل لديه ووجه حديث للسائق الواقف قبالته مرددا بصوت آمر

توصلهم عند المعرض على طول هما مستنين مش عاوز تأخير وخد بالك البضاعة فرز أول
هز السائق رأسه بالإيجاب
تمام يا ريسنا
تابع منذر أوامره مرددا بصوت آجش
وتاخد منهم إيصال الاستلام مفهوم
اطمن يا ريس  
هتف بتلك العبارة السائق ثم اتجه لشاحنته لينطلق بها
لاحظ منذر حالة التوتر والإرتباك الحاډثة في المنطقة فنظر بغرابة في أوجه الجميع الذين بدوا وكأنهم يسيرون نحو وجهة معينة
تحرك عدة خطوات للأمام ودقق النظر أمامه ثم وضع كفي يده على منتصف خصره وتساءل بفضول مع نفسه
هو في ايه
انتبه لصوت صړاخ متتابع وصياحات عالية فزاد فضوله أكثر لمعرفة السبب
ركض ناحيته أحد العمال التابعين للوكالة وهلل قائلا پخوف
ريس منذر يا ريس منذر 
سلط منذر أنظاره عليه وسأله بجمود وقد قست تعابير وجهه
في ايه
أجابه العامل بصوت لاهث ومتقطع وهو يجاهد لإلتقاط أنفاسه
عاوزين نطلب يا باشا الاسعاف ولا البوليس يجوا يغتونا
ضاقت نظرات منذر أكثر وسأله بجدية
ليه في ايه 
انحنى العامل للأمام ليلتقط أنفاسه وأجابه بصعوبة مشيرا بيده
بيقولوا في عفش وقع على ولية كبيرة عند بيت خورشيد
تبدلت
تعابير وجه منذر للقلق وردد بإندهاش وقد إرتخى أحد كفيه عن خصره
عفش وحصل للست ايه
رد عليه العامل بصوت مرتبك
مش عارفين إن كانت عايشة ولا مېتة الجدعان هناك بيشيلوا الخشب من عليها
أشار منذر بإصبعه للخلف مرددا بجدية
طب خش اطلبهم من جوا وأنا هاروح أشوف بنفسي
حرك العامل رأسه بالإيجاب قائلا
ماشي يا ريسنا 
مرر منذر يده على رأسه وهتف لنفسه بصوت جاد لكنه منزعج
ربنا يعديها على خير  
ثم سار بخطوات متمهلة نحو البناية ليتابع هو الأخر ما يدور
تسابق الرجال في حمل الكتل الخشبية لإنقاذ تلك السيدة
وبالطبع صړاخ أسيف جعل جميع الجيران يلتفون حولها وخاصة الجارات لمواستها والوقوف إلى جوارها ومنعها من التحرك
هتفت إحداهن بتفاؤل
إن شاء الله هيلحقوها 
وأضافت أخرى بضجر محملة اللوم على أصحاب الأثاث
غلطانين انهم سايبن العفش كده من غير ما يربطوه ولا
قاطعتها ثالثة مرددة بجدية
مش وقته خلونا في المصېبة دي
عاد إلى ذاكرة أسيف تلك اللحظات الموجعة و الحزينة والتي لم تكن بعيدة عنها حينما فقدت والدها الحبيب
نفس الحشد نفس الأصوات المواسية نفس الوجوه العابسة مع اختلاف المشهد فمن تعاني الآن هي أغلى ما تبقى لديها هي والدتها ونبض فؤادها
تراقصت العبرات في عينيها وتعالت شهقاتها مع تذكرها لمشهد وداع أبيها
حاولت الافلات منهن للوصول إلى أمها والمساعدة في انقاذها لكنها لم تنجح فأياديهن كانت محكمة حولها
واصلت صړاخها مرددة پبكاء حارق
ماما سمعاني سيبوني عاوزة أنقذها ماما أنا هنا  
أشفق الجميع على حالها فحياة أمها على المحك والكل يتسابق على انقاذها
وصل منذر إلى المدخل وبدأ في إختراق الجمع المرابط أمامه ليرى بوضوح ما يحدث
أثار حواسه الصړاخ المفجوع الصادر من الداخل وبحث بعينين مترقبتين عن صاحبته  
تمكن من بلوغ المقدمة وأصبح قاب قوسين وأدنى من رؤية السيدة الملاقاة أسفل الأخشاب
مال بجسده للجانب ليتفادى قطعة أثاث يتناقلها الرجال فيما بينهم ليخرجوها فيفسحوا المجال للمرور
سقطت أنظاره تلقائيا على ساق مكشوفة ترتعش بحركات عصبية متتالية فانتفض قلبه پخوف
ماما ماما
رفع منذر عيناه نحو صاحبة الصړاخ فتجمدت نظراته عليها واتسعت حدقتيه في ذهول عجيب كما انفرجت شفتاه پصدمة أكبر
لقد كانت هي نعم لم يكن لينسى ذلك الوجه البائس للحظة
و
الفصل الثالث عشر
حاولت عواطف وابنتها المرور بين جموع الأفراد المرابطين أمام مدخل البناية لرؤية الحاډث لكن تعذر عليهم هذا بسبب الحشد الغفير الذي يسد المدخل فبقيت كلتاهما بالخلفية
وصل إلى مسامعهما تفاصيل مختلفة عن ملابسات الحاډث ولكن العامل الأساسي المشترك في كافة الروايات التي قيلت أن أثاث نيرمين الموجود بالمدخل كان السبب الرئيسي في إصابة تلك المسكينة تعيسة الحظ
تأسفت عواطف على ما حدث لها مرددة بحزن مصطنع
قدرها الغلبانة دي ربنا ما يورينا مكروه في عيالنا
تساءلت نيرمين بتوجس
طب يا ترى مين اللي حصلها كده 
ثم زاد توترها وضاقت نظراتها أكثر وهي تضيف پخوف
لأحسن نكون هانروح في داهية ده ده العفش بتاعي
ردت عليها عواطف بقلق عقب جملتها تلك
ربك يسترها واحنا ذنبنا ايه ده نصيبها مكتوبلها تشوف ده
هتفت نيرمين بصوت خفيض وهي توميء بعينيها
لازم نتصرف الموضوع ممكن يقلب بنيابة وبوليس
صمتت عواطف لتفكر للحظة في شيء ما
دار بخلدها حديث دياب السابق عن كون عائلة حرب من كبار عائلات المنطقة وأنهم المتكفلون دوما بحل أي مشكلات تواجه قاطنيها لذا رددت بلا تأخير 
مافيش غيره هو الحاج طه وعلى رأي المثل اللي مالوش كبير بيشتريله كبير
تعجبت نيرمين من تلك الحالة التي أصابت والدتها وجعلتها تحدث نفسها بكلمات ليست واضحة وما زاد من غرابتها أكثر هو هرولتها مبتعدة عن المدخل فلحقت بها هاتفة بتساؤل
رايحة فين
أجابتها بغموض أثار ريبتها
هاروح على كبيرنا  
خفقان قوي شعرت به في قلبها حينما بدأ جسد والدتها في الظهور من أسفل تلك الحطام
وخزات حادة طعنت صدرها بقساوة بالغة وهي تقف مكتوفة الأيدي عاجزة حتى عن إنقاذها
استشعرت بحواسها كاملة أنينها المكتوم رغم صمتها أمامها
صړخت بۏجع أكبر مستغيثة بمن حولها لعلهم يلبون نداءها المفجوع
ساعدوها هاتموت ماما سيبوني أنقذها 
لا إراديا تحرك منذر نحو تلك الممددة بلا وعي محاولا التدخل وإنقاذها
جثى على ركبتيه وأزاح بكل قوته ما علق فوقها من أثقال خشبية
ظهرت بقعة من الډماء كانت كافية لتزيد من صړاخ أسيف الفزع عليها ولما لا تفعل فالمنظر مروع بكافة تفاصيله الحاضرة
آزرها الجميع في ردة فعلها الطبيعية 
نعم فالمشهد مؤسف ومؤلم في ذات الآن
كشف أيضا عن مقعدها المتحرك والذي تلقى صدمة كبيرة فطوي عنوة وانكسرت أجزائه
تمكنت أسيف بصعوبة من التحرر من الأيادي المحيطة بها فهرولت نحو والدتها وألقت بجسدها على الأرضية لتجثو هي الأخرى أمام جسدها الذي برز بالكامل من أسفل الحطام
حدق فيها منذر بنظرات مصډومة ولكن تلك المرة عن قرب شديد فقد كانت جاثية إلى جواره
هي نفس التعابير المذعورة نفس النظرات المرتعدة ونفس شحوب المۏتى المخيف البادي على وجهها
احتضنت أسيف جسد أمها ورفعته إلى صدرها صاړخة پبكاء مخټنق
ماما ردي عليا ماما
ضمتها إليها أكثر وأزاحت بكفها المرتعش الډماء عن عينيها المغمضتين متابعة بصوت أكثر إنتحابا
أنا هنا يا ماما
انحنت على رأسها لتقبلها وهي تكمل بأنين يقطع نياط القلوب
ماتسبنيش يا ماما ماليش حد إلا انتي
مسحت على وجنتها برفق وهمست بإستعطاف مخټنق
ماما سمعاني ردي عليا وقوليلي إنك كويسة ماما
راقبها منذر بصمت إجباري لم يكن ليتخيل أن يلتقي بها مجددا في ظرف مؤلم كهذا
تناسى سريعا غضبه المبرر منها فحياة إحداهن على المحك وأي عتاب أو لوم في هذا التوقيت لن يكون لائقا على الإطلاق
أفاق من جموده الإجباري وانتبه أكثر لمن توشك على خسارة حياتها
استدار برأسه للخلف وهدر بصوت صارم
اطلبوا الاسعاف
 

32  33  34 

انت في الصفحة 33 من 77 صفحات