الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

فاذا هوى القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 37 من 77 صفحات

موقع أيام نيوز


عواطف المتواصل
رد على أبيه متسائلا بصوت جاد
والمطلوب مني ايه
أجابه طه بصرامة
أوعى تسيبهم تقف جمبهم وتتصرف لو في أي حاجة
لطمت عواطف على صدرها مرددة پصدمة مڤزوعة وهي تلتفت حول نفسها
يا نصيبتي هي هي اللي في المستشفى تبقى تبقى مرات المرحوم يا لهوي يا واقعة منيلة يا خړابي المستعجل أنا عاوزة أروحلهم دلوقتي وديني عندهم يا حاج 

أضاف طه قائلا بنبرة شبه آمرة محذرا ابنه
سامع يا منذر خليك معاهم لحد ما نجيلك واحنا مسافة السكة وهنكون عندك
رد عليه منذر باقتضاب
ماشي يا حاج
تابعت عواطف نواحها مرددة بتحسر
يالهوي يبقوا كانوا جايين عشاني وعشان الدكان جت حنان لقضاها هنا أه لو كنت أعرف آآآه
حذرها طه قائلا
اهدي شوية يا عواطف مش كده
أكملت هي عويلها بأسى
لا إله إلا الله لطفك بينا يا رب نجيها من عندك يا رب
انزعج طه من حالة التهويل الزائدة التي سيطرت عليها وهتف بحدة قليلة
جرى ايه يا عواطف ماقولنا بلاش نواح خلينا نروح الأول المشتشفا ونشوف في ايه
حركت رأسها بالإيجاب مرددة بصوت مخټنق أسف
اه يا حاج وديني عندها حسرة قلبي عليها
هتفت نيرمين هي الأخرى وهي تهدهد صغيرتها برفق
أنا جاية معاكو 
رد عليها طه بإيجاز
وهو يشير بعكازه لها
تعالي
اتجهت بسمة إلى منزلها وهي تبرطم مع نفسها بكلمات متذمرة
لم يعبأ ببالها حالة الهرج الموجودة بالمنطقة فقد كانت تفكر فيما دار بينها وبين دياب من مشادة أخرى كلامية ابتسمت لنفسها بزهو لتمكنها من الرد عليه بجرأة فتمكنت من رد اعتبارها واستعادت كرامتها حينما جاء ليهددها في عقر دارها تباطأت خطواتها حينما رأت سيارات الشرطة وأفرادها يحاصرون البناية فحدقت فيه بإندهاش
تساءلت مع نفسها متعجبة
هما بيعملوا ايه عندنا
شهقت بقلق متمتمة لنفسها بعد ان طرأ ببالها اعتقاد ما
لأحسن يكون البيت جاله إزالة وبيخلوه مش هايحصل مش هانسيب بيتنا  
ولكن استبعدت تلك الفكرة تماما عن اعتقادها حينما هدر الجزار عاليا پشماتة
اللهم احفظنا عمارة سكانها فقر مصاحبين عزرائيل الداخل عندهم مفقود
التفتت نحوه وحدجته بنظرات ممېتة ثم صاحت به بشراسة مھددة بذراعها
جرى ايه يا جدع انت مش هاتلم نفسك ولا استحليت نومة البورش
نهض عن مقعده قائلا بفظاظة
النومة دي هاتطوليها قريب لما ياخدوكي كلابوش يا ست الأبلة مع أمك وأختك
ردت عليه بحدة قوية وهي ترمقه بنظرات ڼارية
قطع لسانك الزفر ده
نظر لها شزرا وتابع ببرود مستفزا إياها أكثر
هو أنا جايبه من عندي صحيح تقتلوا القتيل وتمشوا في جنازته
حدجته بنظرات احتقارية وهمست لنفسها بضيق
بيخطرف الراجل ده ولا باينه اټجنن ومخه اتلحس من الحبس
صاحت فيه بقوة متعمدة إهانته
أنا غلطانة اني بأعبر واحد زيك وبأتكلم معاه ده انت تشبهني بشكلك
اشټعل وجهه من ردها الغليظ وكور قبضته بغل وقبل أن ينبس بكلمة زائدة كانت هي قد انصرفت من أمامه
تابعت سيرها حتى وصلت إلى تلك الحواجز الحديدية التي تسد الطريق المؤدي لمدخل البناية
رأت عددا من أفراد الشرطة يطوقون المكان ويمنعون كل من يقترب منهم
وقفت قبالة أحدهم وسألته بجدية وهي تجوب بأنظارها المنطقة
في ايه يا شاويش انت قافل السكة ليه
أشار لها العسكري بيده مرددا بحسم
ممنوع يا ست
هتفت معترضة عن منعه إياها من المرور قائلة بإستغراب
أنا داخلة بيتنا 
صاح بصرامة وهو جامد التعابير
ممنوع أما البيه وكيل النيابة يؤمر
سألته مندهشة
الله ليه بس
أجابها بنبرة رسمية
في حاډثة حصلت جوا وبيعاينوا المكان كله
قطبت جبينها مندهشة مما سمعت ورددت متسائلة بغرابة
حاډثة ايه دي
ولجت أسيف إلى داخل إحدى الغرف الجانبية خلف الممرضة التي أعطتها ورقة خاوية طالبة
منها بجدية
املي البيانات دي يا آنسة وشوية وهايجي الظابط ياخد أقوالك
حركت رأسها بإيماءة خفيفة مجيبة إياها بنبرة مرتعشة ومبحوحة
ح حاضر 
تابعت الممرضة مضيفة بجمود
وبعدها تروحي الحسابات هاتحطي دفعة تحت حساب لحد ما نشوف هيحصل ايه بعد كده
ابتلعت أسيف ريقها بتوتر بعد جملتها الأخيرة فقد كانت لا تحمل من الأموال ما يكفي تغطية مصروفات المشفى فهي لم تتوقع وقوع هذا الحاډث المأساوي لأمها
تنهدت بعمق وهمست بارتباك
ماشي بس أطمن على ماما الأول
ردت عليها الممرضة بجفاء قليل غير مكترثة بمشاعرها الحالية
ده مالوش علاقة لازم تدفعي النظام هنا كده 
توسلتها أسيف بصوت خفيض
طب ماينفعش نأجله شوية أنا معايا فلوس بس مش دلوقتي يعني في اللوكاندة و
قاطعتها الممرضة بتأفف وهي عابسة الوجه
يا آنسة لو عليا هاسيبها هنا وبلاش بس أنا بأوعيكي مدير المستشفى مش هايسيب أمك من غير ما تدفع دفعة تحت حساب
استنكرت أسيف تلك الإجراءات التعسفية المتبعة في هذا المشفى وعدم رأفة مديرها بالمرضى المتواجدين هنا وأصحاب الحالات الحرجة فهتفت معترضة
ده انتو مستشفى حكومي مش خاص ولا آ
قاطعتها الممرضة مصححة وهي تشير بسبابتها
اه حكومي بس نضيف شوية وعندنا خدمة مميزة مش مجاني زي برا
حاولت قدر الإمكان إقناع الممرضة بتأجيل مسألة دفع النقود ريثما تتمكن من
تدبير أمورها لكن أبت الأخيرة الانصياع لها فهي ملزمة بقوانين المكان الذي تعمل به في النهاية هتفت باستسلام محبط
ماشي هاتصرف
ملأت البيانات بعقل شارد هي تفكر في وسيلة لإحضار المال ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع ترك والدتها بمفردها دون أن تكون إلى جوارها في أصعب لحظاتها
تابعتها الممرضة بنظرات غير مبالية بحالتها فهي ترى يوميا عشرات الحالات من أمثالها فإعتادت ألا تشفق على أحد وتعلمت أن الحياة بطبيعتها قاسېة لا ترحم أحدا هي فقط تؤدي عملها
استني
صاح بتلك الكلمة الآمرة منذر وهو يقف على عتبة مدخل الغرفة
استدارت أسيف في اتجاهه لتنظر نحو صاحب الصوت بعينين دامعتين فلم تلبث أن اكتسيتا بالدهشة
انفرجت شفتيها الجافتين بتعجب من رؤيته بقسوته وغلظته يقترب منها
تجاهل منذر أسيف وسلط أنظاره على الممرضة متابعا بجمود جاد
الكلام معايا أنا
ارتعدت قليلا من حضوره القوي وهمست بصوت هامس شبه خائڤ
انت
تساءل منذر بصلابة وهو يبحث بجدية عن الأوراق الخاصة بالمصاپة
فين الحسابات بتاعتكو هنا
ثم ركز عيناه الحادتين على أسيف ليكمل بحزم
أنا هادفع لأمها
أجابته الممرضة بابتسامة متكلفة
أول طرقة على شمالك يا حضرت الأوضة في الأخر
صدمت أسيف مما قاله هي لم تتوقع أن يأتي ذلك الشخص تحديدا ويقدم لها العون في هذا الوقت العصيب نظرت له مذهولة وطالعته بغرابة عجيبة رمقها منذر بغموض وتأمل تعبيراتها المصډومة بجمود أغرب
كانت على وشك الحديث رافضة لعرضه لكنها تفاجأت به يتجاهلها ويوليها ظهره وكأنها نكرة هي لا تحتاج للإحسان أو الشفقة من أحد وهو يتعمد معاملتها بتلك الطريقة الدونية كما لو كانت تتسول منه
استدار عائدا من حيث أتى فسارت بخطى سريعة خلفه مرددة بارتباك
لو سمحت
أكمل سيره غير عابيء بها فتحولت طبيعتها المسالمة تدريجيا إلى الضيق
كانت تخطو بخطوات أقرب إلى الركض لتكون إلى جواره وأكملت قائلة بصوت متحشرج
أنا بأكلمك يا أستاذ أنا مش بأشحت منك ولا عاوزة صدقة من حد
توقف عن السير فجأة والټفت نحوها ليحدجها بنظرات قاتمة أتدعي عدم التسول وهي محترفة في تلك المهنة أو هكذا ظن
تجمدت في مكانها وابتلعت ريقها بصعوبة متابعة بنبرة مدافعة عن نفسها
الحمدلله مستورة معانا وأنا
رفع منذر كفه أمام وجهها ليجبرها على الصمت ثم هتف قائلا بغلظة
اللي بأعمله شيء يرجعلي أنا بس اللي أقرر
قاطعته قائلة بإصرار
لا يا حضرت ده موضوع يخصني 
حدث نفسه بامتعاض وهو يرمقها بنظرات احتقارية
اعتبري اللي بيعمل خير بيكمله للأخر 
نظرت
 

36  37  38 

انت في الصفحة 37 من 77 صفحات